أيقونة التمرد 12 : تحية كاريوكا... لعبة الست

نشر في 31-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 31-07-2012 | 00:01
بانتهاء الحرب العالمية الثانية وإلغاء الأحكام العرفية، سقطت الأحكام الجنائية كافة المترتبة على ذلك، وانتهى العمل بقانون الأحوال العسكرية عام 1945 ليصبح محمد أنور السادات حراً بفعل القانون، فقرر العودة إلى حياته الطبيعية، وإلى بيته وأسرته بعدما أمضى ثلاث سنوات بلا مأوى، منها أكثر من عامين في سجن الأجانب في مصر.

قبل أن يعود محمد أنور السادات إلى قريته «ميت أبو الكوم» في محافظة المنوفية، أراد أن يشكر تحية على ما فعلته لأجله، فذهب إليها في بيتها:

= أنا آسف يا ست تحية أني جتلك من غير معاد.

* دا بيتك يا أنور أفندي تجي في أي وقت.

= أوعي تفتكري أني جاي أشكرك.

* وأنا ما عملتش حاجة تشكرني عليها.

= أنت من جهة عملتي فأنت عملتي كتير يا ست تحية... مش لأنك ساعدتيني، لكن لأنك بتساعدي مصر كلها. بتمدي أيدك لكل اللي يحتاجها.. أنت يا ست تحية تستحقي أن مصر كلها تشكرك.

* يااه يا حضرة اليوزباشي... دا كتير عليَّ أوي.

= يوزباشي... أنت لسه فاكره ما خلاص.

* لا مش خلاص. أنت لسه جاي يا أنور أفندي. هايكون لك شأن كبير أوي. بس ابقى افتكرني.

= أنا مش ممكن أنسى الأيد اللي اتمدت لي في محنتي.

ما إن انتهت الحرب وهدأت الأوضاع حتى عاودت تحية إلى ممارسة هوايتها، حب السفر والتنقل من بلد إلى آخر، حيث ارتبطت بعقود كثيرة للعمل في الملاهي الليلية خارج مصر، ففكرة السفر استهوتها منذ أن غامرت وخرجت من الإسماعيلية في صغرها، لدرجة أنها كانت تسافر مرتين أو ثلاثاً في العام، فارتبطت مع مطلع عام 1946 بعقود عدة في بيروت وحلب، وما إن حزمت حقائبها حتى أثارت غضب والدتها:

= تاني... سفر تاني. إحنا كنا ما صدقنا أنك نسيتي موضوع السفر دا وقت الحرب.

* دا شغل يا أمي... أنا مش رايحة أتفسح.

= ماهو يا ريتك كنت رايحة تتفسحي.

* طب أنا عندي فكرة... إيه رأيك تيجي معايا؟

= أنا؟ دا أنا لحد دلوقتي ماعرفش جيت إزاي من المطرية لحد مصر. أنا ماسبش مصر أبداً... إلا بس لما ربنا يكرمني بحج بيته.

* صحيح دي كأنت تايهه عني فين؟ خلاص والله أنت قولتيها وربنا استجاب إن شاء الله. السنه دي بإذن الله تروحي تحجي.

= يا ريت نبقى سوا.

* تروحي أنت الأول وأنا إن شاء الله لما ربنا يأذن لي هاروح.

= أيوا... أيوا غيرتي الموضوع يا بنت بطوطة.

* إيه بنت بطوطة دي جبتها منين؟

= أنا عارفه بقى... أهو أنا بسمع سي فكري أباظة في الراديو بيقول ابن بطوطة سافر من بلد... وكل يوم في بلد. أهو أنت عامله زيه... كل يوم في بلد... تبقى أنت بنت بطوطة.

العريس المعجب

انتهت تحية من رحلة حلب أولاً، وفي طريق عودتها كانت رحلة بيروت، حيث تعاقدت مع ملهى «عجرم» في حي «الزيتونة» الشهير بالملاهي والسهر في بيروت.

استقبل الجمهور تحية استقبال الملوك، لدرجة أنهم كادوا يرفعونها من فوق الأرض وهم يرددون: «توحة... توحة ملكة الرقص الشرقي... توحة».

أحاط بها عشرات المعجبين، ولفرط رقتها معهم وحسن مجاملتها لكل عشاق فنها، تصور كل منهم أنه غزا قلبها، وبات هو الحبيب الأقرب، الذي ملك قلبها، وفي مقدمهم المليونيراللبناني عزت نجيب الذي ظن أن تحية وقعت أسيرة غرامه، فراح يفاتحها في أمر الزواج منها:

= ست تحية أنا لو ما بعرف أنت أد إيش بتحبيني ما تقدمت لك.

* أنا؟ أنا بحبك... بحبك إزاي؟

= ولو... إيه بتحبيني. هذا مبين في نظراتك وكلامك.

* يا عزت بك... دي نظرات لكل المعجبين وفعلاً أنا بحب كل المعجبين بس في حدود أنهم معجبين وبحبهم زي أخواتي وأهلي... لكن مش معنى كدا أني أتجوزهم.

= بس أنا ماني معجب عادي... أنا عزت نجيب.

* على عيني وراسي... بس أنا ماقدرش.

= ليش ما بتقدري.

* لأني متجوزة!

اضطرت تحية إلى أن تعلن للجميع أنها مرتبطة بزوج من الشخصيات المهمة، لا تريد الإعلان عنه احتراماً لرغبته، حتى تهرب من النظرات والطلبات التي تلاحقها، سواء في مصر أو خارجها، رغبة في الزواج منها، وهو الأمر الذي ترفض أن يتم بهذه الصورة، لمجرد نظرة إعجاب، أو حتى بالصورة التي تطلبها منها والدتها، وهي الزواج كشكل من أشكال الحماية لها باعتبارها سيدة مطلقة، تعيش بمفردها في الوسط الفني.

استطاع المخرج أحمد بدرخان أن يتصل بتحية في ملهى «عجرم» في بيروت، ليطلب منها سرعة العودة إلى القاهرة لأنه اختارها للقيام ببطولة فيلمه الجديد أمام المطرب فريد الأطرش.

المفاجأة

وصلت تحية إلى القاهرة، فوجدت أن بدرخان قد بدأ فعلاً في تصوير عدد من مشاهد فيلم «ما قدرش»، وهي المشاهد التي لا دور لتحية فيها، فظنت أنه تخلى عنها، غير أن مؤلف الفيلم سليمان نجيب أكد لها أنهم بانتظارها لتبدأ تصوير مشاهدها، لأنه يريد أن ينتهي من الفيلم بسرعة، فثمة مفاجأة كبيرة يستعد لها وستكون هي معه فيها:

* مفاجأة إيه يا نجيب بيه؟

= وتبقى مفاجأة إزاي؟ لما يجي وقتها هاقولك عليها.

* أيوه بس أعرف خاصة بإيه... لا تكون جايبلي عريس ولا حاجة.

= أنا فنان بس. لما اشتغل خاطبة هابقى أقولك.

* إيه دا؟ أنت زعلت ولا إيه؟

= لا يا ستي مزعلتش... بس ما ينفعش أقول حاجة دلوقت إلا لما نتفق عليها الأول.

* والله أنا خايفة من مفاجأتك يا نجيب بيه.

= يا بنت أنت اسمعي كلامي وأنت تكسبي... واللي أقولك عليه أعمليه لأنك تستاهلي كل خير.

* طب قدام الكلام الحلو دا قوللي ولو حته صغيرة من المفاجأة

= ماقدرش!

أنهت تحية تصوير دورها في فيلم «ما قدرش» أمام فريد الأطرش وعبد السلام النابلسي وحسن فايق وفؤاد شفيق، وقبل أن يعرض، اتصل الفنان سليمان نجيب بتحية ليزف إليها المفاجأة التي وعدها بها:

= يلا يا توحة جهزي نفسك... فيلم جديد ما حصلش.

* يا رب يكون دوري فيه بقى أحسن من اللي فات.

= هوهوووووو... دا دور ماعملتهوش قبل كدا... ويمكن ماتعمليش زيه بعد كدا.

* للدرجة دي... أكيد أنت كاتبه علشاني مخصوص.

= هو صحيح محدش يعمل الدور دا إلا أنت بس مش أنا اللي كاتبه... أنا هاكون ممثل معاك وبس.

* والله... يعني أنت البطل قدامي؟

= لا يا توحة ما هي دي المفاجأة. البطل اللي هايكون قدامك الأستاذ نجيب الريحاني.

* يا نهار أسود!!

= أسود ليه يا ستي... سبحان الله العظيم في طبعك!

* يا سليمان بيه أنا رقاصة... وممثلة على أدي... ما قدرش أمثل قدام العمالقة!

= يا ستي ما تخديش قرار قبل ما تشوفي السيناريو اللي كتبه نجيب الريحاني وبديع خيري ودورك فيه شكله إيه وبعدين اتكلمي.

* الحكاية مش دور كبير ولا صغير. أنا أمثل إزاي قدام نجيب الريحاني... دا غول مسرح وسينما... مهما كان دوري مش هايبقى لي وجود. فأحسن أخدها من قصيرها وأبعد وتشوفوا فنانة تانية تقدر تعمل دا.

= يا توحة أنا هابعتلك السيناريو النهارده... أقريه وهنتكلم بعد ما تخلصي. وبعدين يا ستي المخرج سبق واشتغلتي معاه... فؤاد الجزايرلي

* فؤاد مخرج ممتاز طبعاً واشتغلت معاه وفاهماه كويس. بس أصل....

= وكمان يا ستي أنا هاتكلم مع فؤاد علشان لو فيه حاجة في السيناريو مش عاجباك.

وصل سيناريو فيلم «لعبة الست» إلى تحية كاريوكا، وما إن قرأته حتى رسخ في قلبها أمران، إنه من أروع وأجمل ما قرأت من سيناريوهات أفلام، بل وما شاهدته من أفلام، منذ دخول السينما إلى مصر إلى الآن، والأمر الثاني هو إصرارها على رفض الفيلم، لما أصابها من حالة الرعب التي سيطرت عليها، ليس فقط من أهمية دورها، وهو دور بطولة حقيقي كممثلة وليس كراقصة، ولكن الأهم بسبب البطل الذي ستقف أمامه: نجيب الريحاني، وهو من هو، سواء على خشبة المسرح، أو حتى في ما قدمه من أفلام سينمائية، لم يظهر فيها إلى جانبه أحد، على رغم وجود عدد كبير من النجوم والممثلين في أدوار حقيقية ومهمة مكتوبة بشكل جيد في سيناريوهات هذه الأفلام، إلا أن حضور الريحاني، قد يلغي أي وجود بجواره، ليس عن قصد، لكن بسبب حضوره القوي.

رفض الريحاني

راحت تحية تستفتي كل من حولها في قبول الفيلم أو رفضه، فكانت النتيجة أن كل من استفتتهم جاء رأيهم بأن تبتعد عن نجيب الريحاني، لأنها لن تكون شيئاً يذكر إلى جواره، باستثناء والدتها التي رحبت كثيراً بالتجربة، وشجعتها على خوضها:

* يا أمي أنا عارفة أنه فنان كبير والشعب كله بيحبه... لكن ما ينفعش.

= ما ينفعش ليه؟ أنت دورك صغير؟

* بالعكس... لو دوري مش أد دوره يمكن أكبر منه... بس الحكاية مش دور كبير ولا صغير. أنا لسه بخاف من الكاميرا وبمثل على أدي. لكن هو ممكن لو ظهر بس من غير ما يتكلم الناس بتبص على ناحيته هو مش على اللي معاه.

= اسمعي رأيي وأنت تكسبي.

على رغم اقتناعها بما قالت والدتها، إلا أن تحيه كاريوكا استقرت على قرار رفض الفيلم من دون الدخول في تفاصيل التجربة أو وصول الخبر إلى نجيب الريحاني، كي لا تخسر فنأناً كبيرا بقامته. أرادت أن تبلغ قرار الرفض لمخرج الفيلم فؤاد الجزايرلي، ففوجئت بأن الشركة المنتجة غيرته لخلافه مع نجيب الريحاني حول رؤيته لبعض الأدوار في الفيلم، باعتبار أن الريحاني وبديع خيري هما من كتبا الفيلم، ما جعله يستنكر ذلك وانصرف وهو يقول له: طالما سيادتك اللي كاتب الفيلم وأنت الممثل الأول فيه... أخرجه كمان بالمرة.

في مغامرة محسوبة استعأنت الشركة المنتجة بمهندس المناظر ولي الدين سامح، ليخرج الفيلم، ولم تكن الشركة تغامر بأموالها ولا نجيب الريحاني يغامر باسمه وتاريخه في اختيار ولي الدين سامح ليخرج للمرة الأولى، لو لم يكونا على يقين بخبرته وعلمه وتدربه على عناصر العمل السينمائي كافة، فاستقر الرأي وسط مخاوف ولي الدين سامح نفسه، على أن يقوم هو بالإخراج، وإسناد تصميم المناظر إلى سيد شاهين، وتنفيذها إلى الإيطالي أنطون بوليزويس.

بدأ سامح مهامه كمخرج بالاتصال بتحية كاريوكا ومحاولة إقناعها بقبول الدور، على رغم أنه بمجرد قبوله إخراج الفيلم اقترح أن تجسد الشخصية الفنانة راقية إبراهيم، البطلة التي شاركت الريحاني فيلمه السابق «سلامة في خير»، غير أن الاقتراح قوبل بالرفض وأكدوا مع الريحاني على ضرورة مشاركة كاريوكا، فلم يجد بداً من الاتصال بها:

* أبدا والله مش علشان أنت اللي هاتخرج الفيلم وأول مرة والكلام دا... بالعكس أنا أتمنى لك التوفيق ويا رب الفيلم ينجح ويكون بداية موفقة لك في السينما. لكن أنا عندي ارتباطات وعقود كتير بره مصر.

= إحنا ممكن نستناك... يعني كل الحكاية هاتكون إيه أسبوعين تلاتة... شهر. هانستناك.

* لا العقود ممكن تدخل في تلات أربع شهور... وبعدين أنت ما ترضاش أني أخسر العقود دي بأكتر من الفين جنيه.

= أنا فهمتك يا تحيه... عموماً استني الأستاذ عبد الحميد زكي مدير الأنتاج هايعدي عليك بكره.

فهم المخرج ولي الدين سامح أن امتناع تحية جاء بسبب الأجر، فاتفق مع استوديو مصر وشركة «نحاس فيلم» على رفع أجر تحيه إلى ألفي جنيه، وراح مدير الأنتاج عبد الحميد زكي يبلغها بذلك، فرفضت على رغم الإغراء المادي الكبير. هكذا، لم يجد سليمان نجيب بداً من أن يذهب إليها بنفسه، بعد حوار دار أمامه بين المخرج ومدير الأنتاج والريحاني، أكدوا فيه أن تحية همها رفع أجرها. فعلاً، قرروا رفع أجرها مرة ثانية ليصل إلى ألفي وخمسمئة جنيه، وهو أعلى أجر بين بطلات السينما آنذاك، وأسندوا جميعاً مهمة إبلاغ رفع أجر تحية ومحاولة إقناعها بعدم الضغط عليهم أكثر من ذلك وقبول هذا الأجر، إلى صديقها الفنان سليمان نجيب:

= لا لا يا تحية مش ممكن. مين علمك تعملي كدا؟ أنا استلمتك كتكوتة صغيرة. علمتك القيم والأخلاق الفنية... إلا إذا كنت أنا فشلت في تربيتك ومليش لازمة.

* ليه يا سليمان بيه بتقول كدا؟

= بلا بيه بلا تيه... أنت خليتيها خل.

* أنا مش فاهمه تقصد إيه. أنا مجرد رفضت الفيلم لأني مش فاضية.

= مش فاضية ولا علشان يزودوا أجرك. أهم عملوا اللي أنت عايزاه ورفعوا أجرك لألفين وخمسميت جنيه... كويس كده ولا لسه عايزا زيادة كمان؟

* (وقد أجهشت بالبكاء) إخص عليك يا سليمان بيه. أنت تعرف أن تحية كدا؟

= أمال تفسري بإيه اللي بيحصل. الدنيا كلها جت لحد عندك تترجاك وتنفذ طلباتك... لا وكمان اسمك هينكتب بنفس حجم وبنط نجيب الريحاني... وانتوا الاتنين لوحدكم في لوحة واحدة... طب فيه إيه تاني؟

* فيه إني خايفة.

= خايفه من إيه؟

* بصراحة كدا خايفة أقف قدام نجيب الريحاني... مش هالاقي نفسي. حاسة أني هاضيع جنبه.

= مين قال كدا بس؟ وبعدين نجيب مش بعبع... نجيب فنان محترم وبيقدر اللي بيشتغلوا معاه حتى لو كومبارس هايطلع يقول جملة واحدة أو حتى هايعدي من قدام الكاميرا. يبقى مش هايحترم وجودك معاه؟

* أنا خايفة أكتر من نفسي. أني ماقدرش أكون على أد المسؤولية وأمثل قدامه بالشكل اللي يليق بيه وبالفيلم.

= سيبي دي عليَّ... أنا هاراجع معاك السيناريو والحوار كلمة كلمة ونتدرب سوا على كل حاجة. ومش هاسيبك في البلاتوه حتى لو ما فيش حضور لي في المشاهد بتاعتك.

أقنع سليمان نجيب تحية فعلاً بقبول الفيلم، ولم يُنتقص شيء من الأجر الذي انتهت إليه الشركة المنتجة، وفي ما يخص كتابة اسمها وبقية التفاصيل.

لعبة

بدأ ولي الدين سامح في تجهيز عناصر الفيلم قبل بدء التصوير، وتم اختيار بقية الفنانين المشاركين إلى جانب «لعبة» الدور الذي ستجسده تحية، و»حسن وابور الجاز» الدور الذي سيجسده الريحاني، و»إيزاك عنبر» اليهودي المصري الذي سيجسده سليمان نجيب، وبشارة واكيم في دور الرجل الشامي، كذلك اختيرت ماري منيب في دور «سنية جنح» أم لعبة، وعبد الفتاح القصري في دور «إبراهيم نفخو» والد لعبة، ثم وقع المخرج في حيرة في واحد من الأدوار المهمة التي ستظهر في الفيلم وهو دور «محمود بلاليكا» ابن خالة لعبة، الذي يؤدي أكثر من أغنية بصوته ضمن أحداث الفيلم إلى جانب غناء «لعبة»، حتى اهتدى إلى أحد المطربين المغمورين الذين يعملون في الملاهي الليلية والصالات، وهو عزيز عثمان، ابن المطرب الكبير الراحل محمد عثمان.

بدأ يوم التصوير الأول، ولم يكن التنفيذ بحسب تسلسل الأحداث كما هو مكتوب، حيث تعمد ولي الدين سامح أن يكون أول مشهد يتم تصويره بين نجيب الريحاني وتحيه كاريوكا، وهو مشهد يجمع بينهما في بيت «حسن» بعدما خرجت «لعبة» من بيت أسرتها هرباً من تزويجها ابن خالتها «بلاليكا» رغماً عنها، لتختبئ عند واحدة من أقاربها، غير أنها لا تجدها، لتجد أن «حسن» استأجر الشقة بدلاً منها، ويدور بينهما حوار ينتهي بأن تأكل «لعبة» كوبا من «اللبن الزبادي» بـ «لبيسة الحذاء».

كانت كافة العناصر جاهزة، الكاميرات والفنانون، أطلق ولي الدين سامح صيحته كمخرج: «حركة»... دارت الكاميرا، وتحرك الريحاني وراح يقول جمل الحوار الخاص به، وعندما جاء دور تحية ظلت صامتة، فأوقف التصوير وأعاد المشهد، وكلما جاء الدور على تحية لتنطق بالحوار، كانت تقف صامتة.

تكرر إيقاف التصوير، والبدء من جديد أكثر من خمس مرات، حتى ضاق بها المخرج، وسط دهشة الجميع فاقترب منها وصرخ في وجهها:

= إيه يا مدام تحية ما بتتكلميش ليه؟ بلعتي لسانك؟ إحنا عدنا المشهد خمس مرات لحد دلوقت وأنت ولا كلمة... فيه إيه؟ دي فلوس ناس حرام كدا!

* معلش يا أستاذ... أصل... أصل... أصل.

لم تكمل تحية كلامها وأجهشت بالبكاء وسط الحاضرين من الفنانين والفنيين والعمال في الأستوديو، وهم ينظرون بدهشة!

(البقية في الحلقة المقبلة)

back to top