سلّحوا ثوار سورية... بعناية وحذر!

نشر في 21-11-2012
آخر تحديث 21-11-2012 | 00:01
تزامناً مع تسليح الجماعات السورية المناسبة، يجب أن تحرص القوى الغربية على عدم تقوية المجاهدين القادمين من جميع أنحاء العالم للحصول على فرصة الاستشهاد.
 نيويورك بوست يقول أحمد معاذ الخطيب الذي يجول العواصم الأوروبية بصفته الرئيس المنتخب حديثاً لتحالف قوى المعارضة السورية: «أعطونا الأسلحة كي ندافع عن أنفسنا».

جمع التحالف معظم الجماعات والأحزاب التي تحارب نظام بشار الأسد القمعي في دمشق. سبق أن اعترفت أبرز القوى الغربية بذلك التحالف باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، بما في ذلك الولايات المتحدة. كان توحيد جماعات المعارضة مطلباً ملحّاً من جانب إدارة أوباما خلال مؤتمر «أصدقاء سورية» الذي جمع أكثر من مئة بلد.

بالتالي، يحمل مطلب الخطيب الذي يريد توفير الأسلحة للمعارضة أهمية أكبر من الدعوات المماثلة التي أطلقتها المعارضة المنقسمة منذ بدء الانتفاضة قبل 20 شهراً تقريباً. لكن بعد تحقيق تلك الوحدة المنشودة، هل يجب أن يبدأ الأميركيون وحلفاؤهم بشحن الأسلحة إلى الثوار السوريين؟ نعم، لكن إلى الثوار المؤهلين حصراً!

في المقام الأول، تُعتبر جماعة «الإخوان المسلمين» أفضل جماعة معارِضة من حيث التنظيم. هي تجمع أغلبية العناصر التي تفرض سيطرتها تحت مسميات مختلفة. لذا قد تؤدي هذه الوحدة الرسمية إلى تماه بين الجماعات المختلفة ونشوء نظام جديد مبني على حكم الحزب الواحد كي يحل مكان نظام الأسد الراهن.

يبدو أن الخطة الجديدة تكرر جانباً مزعجاً آخر من نظام الأسد: تقسيم السوريين وفق المعطيات الإثنية والطائفية على أن تحصل بعض الجماعات على مكانة أكبر (ولا سيما عشائر التركمان بفضل الضغوط التركية). في المقابل، يبقى حضور جماعات أخرى مثل المسيحيين والدروز رمزياً.

يتمتع «العلماء الدينيون» بحضور واسع ومتفاوت أيضاً. كان الخطيب نفسه واعظاً في الجامع الأموي في دمشق مع أنه تدرب في الأصل كعالم جيولوجي.

لكن لم تكن الانتفاضة الشعبية السورية وليدة المشاكل الدينية، فقد انضمت إليها الجماعات الإسلامية (بما في ذلك «الإخوان المسلمين») بعد فترة طويلة من انطلاقها؛ لذا لا بد من التشديد على عدم تحويل مطلب الوحدة الذي أطلقته إدارة أوباما إلى شكل من التماهي التام بين الجماعات خدمةً لتحالف واشنطن الجديد مع «الإخوان».

مع ذلك، يجب أن يتسلّح الشعب السوري للدفاع عن نفسه في وجه آلة الحرب الجهنمية التي يستعملها الأسد.

يسيطر الثوار الآن على خمس مساحات كبيرة من الأراضي السورية على الأقل (وهي المناطق التي يمكن أن تصبح ملاجئ آمنة لحماية المدنيين). بما أن الأسد يتكل على قواته الجوية لقصف الشعب، أصبحت حماية تلك الملاجئ الآمنة عبر الحظر الجوي حاجة ملحّة.

لكن لا يصحّ منح المعارضة الموحدة الجديدة الضوء الأخضر لفعل كل شيء. يجب أن تقتنع بضرورة الموافقة على مجموعة من القيم التي تحدد رؤية واضحة عن معالم سورية بعد حقبة الأسد. يجب أن تشمل تلك القيم الالتزام بالحكم الديمقراطي والمتعدد الأحزاب، وتغيير النظام عبر إجراء انتخابات حرة وترسيخ حكم القانون والمساواة بين الجنسين، وضمان حرية الأديان والتعبير، واحترام التنوع الثقافي واللغوي.

من الضروري أيضاً تحديد الجهة التي يمكن أن تنظم أول انتخابات بعد عهد الأسد. قد تُنتج السلطة الانتقالية التي يسيطر عليها «الإخوان» غالبية مزيفة لمصلحة حركة تمثل شريحة صغيرة، لكن مهمة، من المجتمع السوري.

بعبارة أخرى، يجب أن تدعم الديمقراطيات الغربية الرؤية الديمقراطية في سورية، وهو ما كان يطالب به السوريون منذ بدء تحركهم في درعا في عام 2010.

في الوقت الراهن، تصل كميات كبيرة من الأسلحة إلى الجماعات الإسلامية التي أصبحت في صلب الثورة الشعبية خلال الأشهر الأخيرة. تتألف جماعات مثل «لواء الإسلام» و»أنصار الله» من مقاتلين عرب وغير سوريين لديهم روابط إيديولوجية (غير رسمية على الأرجح) مع «القاعدة».

تزامناً مع تسليح الجماعات السورية المناسبة، يجب أن تحرص القوى الغربية على عدم تقوية المجاهدين القادمين من جميع أنحاء العالم للحصول على فرصة الاستشهاد.

ربما يتجه الصراع في سورية إلى مراحله الأخيرة؛ لذا من الضروري الاستعداد لحقبة ما بعد الأسد حرصاً على عدم انتقال سورية من حكم دكتاتوري إلى آخر.

* أمير طاهري | Amir Taheri

back to top