سيزار تشافيز إلى السينما... التجربة المكسيكية - الأميركية

نشر في 23-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 23-07-2012 | 00:01
يخرج دييغو لونا أول فيلم روائي طويل عن زعيم الاتحاد المكسيكي- الأميركي سيزار تشافيز، الذي نظّم عمل المزارعين في كاليفورنيا وجنوب غرب الولايات المتحدة والذي دفع الناس إلى مقاطعة العنب مرتين بهدف لفت الانتباه إلى الظروف القاسية في الحقول. هذا الفيلم هو العمل الثاني للونا كمخرج لفيلم رئيس والأول له باللغة الإنكليزيّة.

يؤدّي مايكل بينا (Crash

وMillion Dollar Baby ) دور زعيم الاتحاد المكسيكي- الأميركي سيزار تشافيز، فيما تجسد أميركا فيرّيرا (Ugly Betty) دور زوجته هيلين، أما روزاريو داوسون فتؤدي دور شريكة تشافيز المسؤولة عن التنظيم دولورس هويرتا. قال مخرج العمل الممثل دييغو لونا خلال استراحة في وسط مدينة هيرموسيلو إن اللغة تشكل مشكلة كبيرة فالإخراج يتطلّب اختيار الكلمات الصحيحة. ولفت إلى أنه لا يحب المخرجين الذين يمثلون الجزء غير المخصّص لهم، وأن عدم إتقان اللغة هو بمثابة إغراءٍ للممثل وللمخرج.

على رغم أن تشافيز، الذي توفيّ عام 1993، كان أميركياً وأنجز معظم أعماله في الولايات المتحدة، إلا أن شركة مكسيكية (لونا كانانا للأفلام) هي التي ستنتج هذا الفيلم، الذي سيصوّر أيضاً في المكسيك. لم يتردّد المخرجون في اختيار الجوانب الإيجابية من حياة تشافيز وليس الجانب المظلم كميوله الاستبدادية، لكنهم يصرّون على أن الفيلم ليس سيرة ذاتية. أقرّ أحد المنتجين في شركة «لونا» بابلو كروز أن بعض المخرجين المكسيكيين- الأميركيين انزعجوا من قيام شركة مكسيكية بإنتاج فيلمٍ يحكي قصة بطل الشيكانو.

قال كاتب سيناريو «تشافيز» كير بيرسون إنه من الصعب إيجاد منتجين أميركيين يهتمون لهذا النوع من الأعمال وإن الأمر محزن حقاً. وأضاف بيرسون، المرشح لنيل جائزة أوسكار عام 2005 عن سيناريو Hotel Rwanda، أنه أمضى عامين يتفاوض مع ورثة تشافيز وأنه نجح حيث فشل الآخرون. جمع لونا وزملاؤه المنتجون المبلغ الضروري لتمويل الفيلم، ومعظمه من جهات مكسيكية (قالت متحدثة باسم شركة الإنتاج إن ميزانية الفيلم، الذي سيصدر عام 2013 تقدّر بحوالى 10 ملايين دولارٍ).

كروم العنب

لم ترتبط مسألة التصوير في المكسيك بانخفاض تكاليف الإنتاج وسكن المنتجين هناك فحسب. فمن المستحيل العثور على كروم عنب في كاليفورنيا تشبه كروم الستينيات، لكن سونورا، التي تنتج معظم عنب المكسيك، لا تزال تحافظ على الطريقة التقليديّة في لفّ الكروم على صلبان خشبية. يقول لونا: «سافرنا إلى ولاية كاليفورنيا. ما من شيءٍ يشبه حقبة الستينيات أو السبعينيات. أما سونورا، التي تقع على الحدود مع أريزونا، فهي تضمّ مساحات شاسعة لدرجة أنك تعتقد أن هذه الحقول تغذي البلاد بأسرها».

شيّد طاقم كانانا أكواخاً بائسة تبدو كالأكواخ التي سكنها المزارعون في الستينيات والسبعينيات. قال لونا وعدد من الممثلين إن التصوير في مكتبة هيرموسيلو كان أسهل بكثير من العمل في الحقول. فالشمس، العواصف الرملية والحشرات مناسبة لنمو العنب، لكنها غير مناسبة لتصوير فيلم فقد أغمي على بعض الممثلين بسبب الجفاف. قال لونا:» {أكلنا الكثير من الغبار في الأسابيع القليلة الماضية».

أمل لونا، بيرسون وغيرهما من منتجين بتصوير ميزات تشافيز بأفضل طريقة ممكنة، فقد لجأ إلى الاحتجاجات السلمية في محاولة لتحسين ظروف المضطهدين. أملوا أيضاً بتثقيف الأجيال الشابة التي لا ترى في سيزار تشافيز أكثر من اسم مدرسة أو شارع. قال المخرجون إنهم قد أطلعوا عائلة تشافيز على مسودة السيناريو، جمعوا المعلومات من ملاحظاتها وتعليقاتها واستعملوا الأرشيف الذي تحتفظ به مؤسّسة سيزار تشافيز.

أضاف لونا، متحدثاً عن عائلة تشافيز: «أريدهم سعداء وراضين. يمكننا تقديم الفيلم الذي نعتقد أنه سيوصل الصورة بأفضل طريقة. أنا أستمع إلى القصة منهم لكن لكل شخص وجهة نظره». أما كروز فقال: «إنها المرة الأولى التي يصور فيها تشافيز في فيلم. نحن لا نفضح أي شيء مستور».

أضاف لونا أن الفيلم سيثني على أولئك الذين عملوا مع تشافيز، وقد يتجنّب ذكر المرحلة الأخيرة عندما تزعزعت نقابة المزارعين المتحدين وبدأت علامات سوء إدارة تشافيز بالظهور. يشار إلى أن هذه النقابة فقدت اليوم النفوذ الذي اكتسبته في عهد تشافيز، فقد انخفض عدد أعضائها وفسخت عدداً من العقود مع المزارعين.

ذكر لونا: «إنها قصة سيزار تشافيز إنما أيضاً قصة حدثٍ غيَّر حياة المجتمع ونظرة البلاد إليه، مجتمع كان في السابق غير مرئي. فقد جعل المزارعون من عددهم نقطة قوة وأدركوا أنهم يستطيعون استخدام صوتهم وهزم العدوّ».

أضاف لونا أنه يريد استخدام قصة تشافيز وسيلة لتوضيح التجربة المكسيكية- الأميركيّة فعدد قليل من المكسيكيين يعرف من هو تشافيز، وفي المقابل يعتقد كثر من الأميركيين حتى اليوم أنه مكسيكي. إضافةً إلى ذلك، يجهل المكسيكيون بالكامل طريقة عيش المكسيكيين-الأميركيين، الذين يهتمّون بماضيهم ويعيشون صراعاً مستمراً بين الانتماء إلى حاضرهم والرغبة في التساوي بالمواطنين الأميركيين.

قال لونا، البالغ 32 عاماً والذي ولد ابنه في لوس أنجليس وهو بالتالي مكسيكياً- أميركياً: «آمل بأن يبرز الفيلم التعقيدات والتحديات المتعلقة بمدى معرفة الجمهور بالجانب الآخر». أما كروز فتمنى أن تتغلّب سمعة كانانا على المشككين. يشار إلى أن الشريك الثالث للونا وكروز في كانانا للأفلام، غايل غارسيّا برنال، يؤدّي دوراّ صغيراً في الفيلم.

رهبة

يشعر ممثلون كثر برهبة هذا العمل. بينا مثلاً ترعرع في شيكاغو وهو ابن مزارعين مكسيكيين كانا قد هاجرا للعمل هناك، قال إنه يعرف سيزار تشافيز، لكنه لم يكن على علمٍ بإنجازات هذا الناشط الذي أوصل صوت من لا صوت له. وأضاف أن والده بكى عندما علم أنه سيؤدي دور تشافيز. وتابع: «الآن علمت سبب تأثّره الشديد. كان بينا قد وضع شعراً مستعاراً لأن شعره ليس طويلاً بما يكفي ولا يشبه شعر تشافيز في الستينيّات».

أما فيريرا، التي ولدت في الولايات المتحدة من والدين من هوندوراس والتي كبرت في كاليفورنيا، فقالت إنها تعرف تشافيز وهي معجبة به. في حين أن بينا كان يحضّر دوره عبر دراسة تاريخ تشافيز، زارت فيريرا زوجة تشافيز، التي بقيت وراء الكواليس خلال ذروة الحركة العماليّة. التقت هيلين، البالغة 85 عاماً، فيريرا للتحدّث لمناقشة التاريخ. قالت فيريرا: «رأت هيلين الدور الذي أداه زوجها وشجّعته على ذلك، في حين أنه كان عليها تربية ثمانية أطفال. كيف يمكننا إيصال أهمية هذه الشراكة وهدوء هيلين وقوتها إلى المشاهد؟».

يؤديّ غابرييل مان، الذي جسد دور نولان روس في المسلسل التلفزيوني Revenge، دور سليل العائلة المالكة للبستان. قال مان: «في أيامنا هذه التي يتم فيها خرق الاتحاد في الولايات المتحدة، يظهر الفيلم ماذا يحدث عندما لا تكون الحماية موجودة. الوقت جدّ مناسب لإصداره».

انضمّ الممثل جون مالكوفيتش أولاً إلى طاقم «تشافيز» كمنتجٍ، فهو يملك شركة إنتاج. لكن لونا أعطاه دور مزارع عنب سيئ. وقد تشجع على أداء الدور لأنه معجب بعمل لونا ولأنه شعر أن القصة مهمة. قال مالكوفيتش: «بالنسبة إليّ، يتعلق الأمر أيضاً بإنصاف الإنسان».

احتاج المخرج إلى 20 ممثلاً إضافياً كي يؤدّوا دور المزارعين وعمّال شركة الفاكهة، وقد استفاد من التنوع الإثني في هرموسيلو. فالشركات المتعددة الجنسيات كـVجنرال موتورز» تتمتع بتاريخ طويل في المنطقة، لذلك فقد تمتع المخرج بخيارات واسعة في ظل وجود عدد كبير من السمات الإنكليزية. أما بالنسبة إلى المزارعين الفلبينيين، فقد قصد المخرج المطاعم الصينية واختار 16 ممثلاً.

في النهاية، قال لونا إنه أراد أن يركّز الفيلم على قصة ما وليس على رجلٍ واحدٍ فحسب. أضاف: «نريد التأكد من أن الفيلم سيثني على أولئك الذين قاتلوا لأجل المجتمع. فالطريقة التي قدمها تشافيز للنضال قد تطبق في أي مكان من العالم».

مقاطعة وإضراب

ولد سيزار تشافيز في يوما، أريزونا، عام 1927 وانتقل مع والديه وشقيقه إلى كاليفورنيا عام 1938. عمل أفراد عائلته في حقول كاليفورنيا الوسطى كمزارعين مهاجرين. أنهى تشافيز التعليم رسمياً في الصف الثامن ثم أمضى فترة في البحرية الأميركية وصادق فريد روس الذي غيّر مجرى حياته. انضم تشافيز إلى منظمة «روس» لخدمة المجتمع وبدأ العمل على حملات لتسجيل الناخبين. عام 1962، أسّس ما يعرف بنقابة المزارعين المتّحدين. وعبر مقاطعة العنب، الإضراب عن الطعام والمشي مسيرة 340 كلم من ديلانو (قرب بيكرسفيلد) إلى ساكرامنتو، استطاع لفت انتباه العالم إلى محنة المزارعين، ما حسّن ظروفهم المعيشية وعقودهم ورواتبهم.

back to top