غنام الديكان... ألحان فريدة في حديث السور

نشر في 24-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 24-07-2012 | 00:01
و«مذكرات بحار» (2-2)

في الجزء الثاني من رحلتنا مع الفنان غنام الديكان نحاول أن نكتشف جانباً من إبداعه ومن فنه، وأجمل الأعمال التي قدمها للمطربين في الكويت.

تعرف الفنان غنام الديكان إلى الفنان شادي الخليج في جمعية الفنانين الكويتيين، فطلب منه العمل معه في تلحين لوحات وأوبريتات لحفلات وزارة التربية، وأخذ منه توجيهات وملاحظات في أعمال منها: «يا من عيّن الضالة جزاه الله خير»، وله محاولات في الأوبريتات الشعبية مثل: «السبت سبنبوت والأحد عنكبوت» كلمات بدر بورسلي، «قوة بو صالح» قدمها خالد النفيسي في سهرة تلفزيونية مع الفنانة سعاد عبدالله.

كون غنام الديكان مع الفنان القدير شادي الخليج والشاعر الدكتور عبدالله العتيبي ثلاثياً فنياً متميزاً قدم أعمالاً موسيقية وطنية خالدة.

عن تعاونه مع الفنان شادي الخليج يقول غنام الديكان:

«الفنان شادي الخليج إنسان يعرف معنى الاختيار، مرهف الحس لا يقدم غير الجيد. أعماله لها مكانتها الفنية التي يريد أن يحافظ عليها ويرتفع بها، كما أنه لا يبحث عن المادة بل عن الجودة وعن الإيقاعات الكويتية ويعمل على أن يغنيها الجمهور رغبة في تحقيق الانتشار لها».

يتابع غنام الديكان حديثه عن شادي قائلاً: «هذا طبعاً يعطي الكثير للملحن الذي يعمل معه. نجد أن أعماله تقترب من شكل الأوبريت الغنائي المتضمن إيقاعات موسيقية وهو لا يبخل عليها بالقدرات والكفاءات».

مذكرات بحار

لن نتطرق إلى الأعمال كافة التي لحنها غنام الديكان للفنان شادي الخليج لأنها كثيرة، بل نكتفي بنماذج من الأغاني العاطفية والتراثية والوطنية، ومن أعمال البدايات.

ظل تحويل العمل الفني الخالد «مذكرات بحار» تأليف الشاعر محمد الفايز يداعب خيال الفنانين، فحوّله الملحن غنام الديكان إلى واقع ملموس ومحسوس عندما غناه شادي الخليج في عيد الوطن، فأعاد إلينا أحاديث البحر وشجونه وذكرياته، هذا المنهل الذي اغترف منه أجدادنا وآباؤنا أزماناً طويلة، وأحاديث السندباد.

سجل هذا الأوبريت في استديو الموسيقى في جمعية الفنانين الكويتيين، كان من أبرز المنشآت الفنية الموسيقية الأصيلة قبل الغزو العراقي الغاشم الذي سرق محتوياته ودمره، قيل في الأوبريت:

- جاسم المرزوق وزير التربية السابق: الأوبريت من الأعمال الرائعة التي تعيد مرحلة من مراحل تطور الفن الكويتي.

- محمد السنعوسي: الأوبريت أكثر من رائع شعراً وغناء ولحناً ويحتاج إلى الجهد ذاته إخراجاً ليكون على مستوى.

أحمد البشر الرومي: أتت أشجار الجهد الشاق التي نبتت على أرض هذا العمل أكلها الطيب.

حديث السور

في 25 فبراير من كل عام تحتفل دولة الكويت بالعيد الوطني ويتسابق الجميع لتقديم مظاهر الفرح والبهجة والتعبير عن الاعتزاز بالوطن واستقلاله والتأكيد على مظاهر التطور والحضارة التي يعيشها.

في المناسبة قدم الثلاثي: الملحن غنام الديكان، المطرب شادي الخليج، الشاعر الدكتور عبد الله العتيبي أوبريت «حديث السور» (1988)، الذي تميّز بإيقاعات كويتية منها: الصوت والتوشيحة والسامري والإيقاع الدوسري في خمس لوحات منها المقدمة والخاتمة يقول فيه:

قد كان يا ما كان

يا عاشق الأوطان

يخضر كل الذي

يزهر حتى الصدى

يطرح شوق السنين

شتى زهور الحنين

ويقول كذلك:

هذا حديث السور

وحكمة العصور

حكاية ستبقى

مكتوبة بالنور

على مدى الدهور

هذا حديث السور

أغنيات وطنية

خلال الاحتلال والغزو العراقي قدم الفنان القدير شادي الخليج من ألحان غنام الديكان أغنيات وطنية من بينها: «في وجه الطوفان» من كلمات الدكتور عبدالله العتيبي يقول فيها:

في وجه الطوفان الأسود

كل العالم فليتوحد

حتى نحفظ وجه الدنيا

وغيوم الرحمة لا تتبدد

«أنا الكويت» يقول فيها:

أنا للرياح الجامحة لجام

وأنا بك من الصامدين حسام

أنا نهمة البحار في أهواله

أنا نخوة البدوي حين يضام

«نصر الكويت» يقول مطلعها:

أعزف على أوتار قلب الكويت

تأتي لك الأنغام من كل بيت

يأتيك لحن عبقري الصدى

يعطر الدنيا بذكر الكويت

«صوت الشهداء» يقول فيها:

يا نجوم هوت فوق أرض الجدود

وارتفعتم بها في سماء الخلود

أنتم الأوفياء أيها الشهداء

قد وفيتم لها والليالي شهود

من ألحان غنام الديكان الخالدة التي غناها المطرب شادي الخليج ملحمة «أنا الآتي»، استعمل الديكان في المقطع الأول (بداية الرحلة البصرية) مقدمة موسيقية، وفي المقطع الثاني الايقاع الشائع باسم العدساني، وفي المقطع الثالث فن الصوت الشامي. أما في الجزء الثاني من اللحن فقدم لنا الديكان فنون اليامال والنهمة والعرضة، يقول في هذه الملحمة:

أنا الآتي.. أنا الآتي

ونور الفجر مرآتي

من الأرض التي شرفت

بخاتمة الرسالات

سلمتك يا وطني أمري

وكتبت هواك على عمري

وتركت ممالك أشواقي

كي يسكن قلبك في صدري

«عاشق الدار» قصيدة طويلة يصل عدد أبياتها إلى ثمانين بيتاً، كتبها العتيبي بعناية فائقة وختم فيها مشواره مع الأغنية الوطنية التي قدم فيها أغاني قصيرة وأوبريت واسكتش. يقول فيها:

يا عاشق الدار ما أشجاك أشجانا

فغن من شوقنا للدار ألحانا

بذل الملحن القدير غنام الديكان جهداً تمثل في الحرص على تتبع أصول الإيقاعات المختلفة لإعادة صياغة الألحان. وقد غناها الفنان شادي الخليج في 24 يناير 1995 في حفلة تخرج الدفعات من الثانية حتى السادسة في «مركز الدراسات الموسيقية» التابع لوزارة التربية الذي يؤهل مدرسات للتربية الموسيقية.

حضر الحفلة حشد من الشخصيات التربوية والإعلام وتألق شادي الخليج في الأداء وحسن اختياره الكلمة واللحن، ورافقته فرقة موسيقية من مدرسي ومدرسات وزارة التربية وكورال بقيادة سعيد البنا وفرقة التلفزيون.

ما أروع الوطن

الدكتور يعقوب الغنيم أحد أكثر الشعراء الذين تعاون معهم الفنان شادي الخليج في المرحلة الأخيرة من مشواره وقد لحن أشعاره الفنان غنام الديكان ووزعها موسيقياً المايسترو سعيد البنا من بينها: «الكويت الخالدة»، «تحيا الكويت»، «حكاية وطن»، «نحمد لله عاد بالخير الأمين»، «في العودة السلامة»، «وطن المجد»، «ما أروع الوطن» قدمت في التاسع من يونيو 2004 يقول في المقدمة:

أيا موطناً رسمه في الفواد

إليك الهوى وعلاك مرادي

تسير الحياة وذكراك تبقى

فخار البحور ومجد البوادي

وعنوان حب، وذكرى وفاء

وأروع ما نقتني من تلاد

وها أنت للمجد تطوي السنين

عزيز المكان رفيع العماد

من الألحان الوطنية التي قدمها الملحن غنام الديكان أيضاً: «صدى التاريخ»، «مواكب الوفاء»، «قوافل الأيام»، «قلادة الصابرين»، «الزمان العربي»، «أهل الكويت»، «أين الكويت».

أغانٍ عاطفية

من الأعمال الغنائية العاطفية المتميزة التي جمعت بين الملحن غنام الديكان والفنان المبدع شادي الخليج: «حالي حال» من كلمات الشاعر الدكتور عبد الله العتيبي، «سدرة العشاق» من كلمات الشاعر مبارك الحديبي.

في العام 1978 لحن الديكان أغنية «جابر الشعب» من كلمات الشاعر أحمد عنبر، توزيع الفنان سعيد البنا، درّب الكورال المايسترو عبد الرؤوف إسماعيل، أشرف عليه الموجه الفني العام للتربية الموسيقية عبد العزيز خالد المفرج، أخرجه مسرحياً الفنان المصري عاطف شعبان وتلفزيونياً المخرج فيصل الضاحي. يقول في مطلعها:

البلبل الصداح غنى مطرباً

يروى حديث القلب عنا، للربا

يصغي له نجم العلا متعجبا

فيزيد في عقد الثريا، كوكبا

ويقول أيضاً:

يا فرحة عمت ربوع بلادنا

يا بهجة في دارنا وجوارنا

يا جلوة لعيوننا، يا نشوة

لنفوسنا، تسري إلى أعماقنا

من كلمات الشاعر الدكتور علي الباز لحن الديكان نشيداً حماسياً أداه طلبة كلية الشرطة في تخريج الدفعة الثالثة عشرة من الضباط (1984)، مما جاء فيه:

كليتي حصن الرجولة والأصالة

علم وأخلاق.. نظام.. والبسالة

عهد.. كما قد صانها.. من قبلنا

سأصونها.. مرحى لمن صان الأمانة

أمن الكويت أمانها.. والله يعلي شأنها

أنا غايتي عنوانها

الله.. الوطن.. الأمير

لمناسبة انعقاد مؤتمر قمة دول مجلس التعاون الخليجي (1984)، شارك الفنان غنام الديكان في تلحين فقرات الأوبريت الكويتي من تأليف الدكتور عبدالله العتيبي، غناء صالح الحريبي، واللحن القطري غناه المطرب صقر صالح. مما جاء فيه:

إذا عبرت بحوراً حولها رقدت

سفائن هدها الترحال والسفر

وإن عبرت صحاري فوقها كتبت

كل الليالي هنا يستوطن القدر

وان سمت من السمار أغنية

إيقاعها الحب... فانظر إنها قطر

كلمة أخيرة

تميّز الفنان غنام الديكان بصياغة قوالب لحنية للأغنية الوطنية المستمدة من البيئة الكويتية، وهو يعبر من خلال موسيقاه عن أفراحها وآمالها وآلامها.. لذا استطاع أن يسمو بالأغنية الكويتية الوطنية ويجدد ألحانه التي شربت أريج الكويت وعطر ترابها الخالد، حتى أصبح أحد أبرز فرسان الأغنية الوطنية.

من أقواله

- الأغنية الكويتية بدأت قوية وسايرت تقاليد وأعراف مجتمعنا، ومن ثم ساهم ملحنون شباب يمتلكون خلفية موسيقية عالية في تطويرها مواكبة لتطوّر الكويت السريع خلال الفترة الماضية، فقد طرأت كلمات جديدة على النصوص، لا بد من أن نتقبلها نحن كموسيقيين ونلحنها بجمل موسيقية متطورة، وهذا أمر يدعو إلى الإعجاب والفخر.

- ألتزم بموقف واضح وهو رفض أي نص غير جيد وأمتنع عن تلحينه، يتملكني شعور خاص عندما أبدأ قراءة أي نص جديد لتلحينه. هذا الشعور يترجم موسيقياً عبر الكلمات الموجودة أمامي، وأي نص لا أجد فيه موسيقى شعرية فهو مرفوض.

هذا الموقف يلتزم به الملحنون الجادون، فيجب أن يكون اللحن الجيد للكلمة الجيدة، حتى تتكامل الصورة ويؤديها المطرب صاحب صوت جميل.

- حول ظاهرة تأثر ملحنين شباب بالأسلوب اليماني في التلحين قال: المدهش أن الشباب الذين يتصدّون لتلحين الأغنية بهذا الأسلوب يعتقدون أنهم على صواب، وهذا يرجع إلى قلة ثقافتهم الموسيقية... لذلك أطالب هؤلاء بضرورة الرجوع إلى المصادر التراثية الموجودة لدى المكتبة الموسيقية.

- الإبداع الفني موجود، ويبذل الفنانون جهدهم للارتقاء إلى الأفضل وتحقيق تقدم أكبر، لكن متى وجدت العراقيل وجد الإحباط، يتمتع الفنان بأحاسيس مرهفة لذا يحتاج إلى رعاية خاصة تأخذ أشكالاً وألواناً عديدة.

- المسرح الغنائي غائب لضخامة التكاليف سواء من ناحية الألحان أو فريق العمل، ووحدها الجهات الرسمية قادرة على تحمل تكاليف هذه الأعمال.

- الملحن بطبيعته إنسان يميل إلى الطريق السهل، لذلك نجد الاتجاه إلى تلحين الأغنية لأنه مجال سهل عكس موسيقى المسرح الغنائي التي تحتاج إلى جهد ودراية بهذا التخصص الفني وبملاءمة الموسيقى الدراما، ولا بد من توافر الإيقاع اللازم لها، من خلال الخط الدرامي العام للعرض المسرحي... إذا توافرت النيات الصادقة والدعم القوي لا بد من ظهور أعمال تتناسب مع العمل المسرحي.

- كل من تعاملت معهم من المطربين الشباب أنا مقتنع بهم.

- نحتاج في الكويت إلى مسرح غنائي وليكن لدينا مسرح واحد غنائي بدلاً من عدة مسارح... لأنه وسيلة تهذيبيه لجوانب حياتنا... والمسرح الغنائي جزء من المسرح الأم لكنه لا يقلّ أهمية عنه، فهو أكثر جذباً للجمهور وأكثر تأثيراً لما يحتويه من ممثلين وحركات درامية واستعراضات حركية غنائية.

- الأغنية التلفزيونية تعتمد، في المقام الأول، على قدرة المخرج في توظيف الإمكانات المتاحة لتقديم أغنية تحتوي مواصفات الأغنية التلفزيونية، ومن ثم خبرة فريق الأغنية من مؤلف وملحن ومطرب.

- لم أتوقف عن التعامل مع الأغنية الخاصة بالطفل، لكن قلة هي النصوص الحالية المناسبة للطفل، فأنا أريد تقديم أعمال غنائية للطفل لا تقل عن الأعمال السابقة التي قدمتها.

back to top