قضية الدفاع عن المقدسات والمحرمات الدينية 

نشر في 14-04-2012
آخر تحديث 14-04-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. عبدالله محمد الوتيد لسنوات وعقود عدة تابعنا صوراً ومشاهد متكررة من التشاحن الديني والتطاحن المذهبي، فمن الآيات الشيطانية إلى تمزيق القرآن الكريم وحرقه، ومن الازدراء للرسول وصحبه إلى السب والاتهامات المتبادلة بين المذاهب الإسلامية المختلفة.

افتعالات مستمرة سواء جاءت من خلال إعلام دول غربية أو من خلال عالمنا العربي والإسلامي، يصاحبه في المقابل عاطفة جياشة منادية بالثأر والانتقام لكل من تجرأ على طعن المقدسات والمحرمات الدينية. دعوات القتل والتنكيل تكون في أغلب الأحيان هي الحل الجاهز والسهل للتعامل مع ظاهرة القذف وذلك الازدراء.

فما أسهل وأهون على الأمة الإسلامية أن يحركها جاهل ولئيم أو حاقد مستكين ذات الشمال وذات اليمين، تنقاد به لفكر مجنون أو متربص ذي نوايا ومجون يقودنا كلما أراد وكيفما أراد أن يكون، وتأتي في ظلها ومتزامنة معها انفلاتات عاطفية متسرعة، غاياتها حميدة في مقاصدها وهي الدفاع عن المقدسات والمحرمات الدينية إلا أن أساليبها وآلياتها غير موزونة أو مدروسة لدرء هذه الظاهرة المقيتة والمؤذية لمشاعر الناس وأحاسيسهم.

الفطنة الإنسانية والتعقل البشري يتطلبان منا النظر ملياً في مسببات ودواعي استمرارية انتشار ظاهرة التشاحن الديني والمذهبي، فمهما كانت دواعيها فإن النتيجة التي يشهدها العالمين الإسلامي والعربي الآن التفرقة والتمزق المجتمعي الذي أدى وسيؤدي إلى اتساع الفجوة والهوة بين أصحاب الديانات السماوية والمذاهب الإسلامية المختلفة، مخالفةً بذلك قول العزيز الحكيم "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، وكذلك قول الحق "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ". فعندما يختفي التعاون والتعاضد في المجتمع وبين شرائحه وفئاته ويستبدل مكانه التشاحن والتطاحن، فإن هذا المجتمع، لا محالة، إلى زوال وفناء.

العقل أحبتي زينة الإنسان، فمن كان عقلة أداته بنى بناءً صالحاً ومتيناً، ومن كانت عاطفته وغرائزه هي محركات وموجهات حياته وسلوكه، تهاوت أركانه ومبانيه.

سُئل الإمام الصادق رضي الله عنه أيهما أفضل عند الله الملاك أم الإنسان؟ فرد قائلاً: أعطى الله الملاك العقل ولم يعطه الغريزة الحيوانية، وحبا الله الحيوان بغرائز وشهوات حيوانية هي محور ومركز وجوده وحياته. أما الإنسان فإن الله قد حباه بالنقيضين، العقل والغريزة الحيوانية، فإن استطاع الإنسان أن يستدل ويستنير بعقله في السيطرة والتحكم بغرائزه وشهواته فإنه أفضل مكانةً وأرفع منزلةً عند الله من الملاك.

إذن ليكون العقل نبراساً لسلوكياتنا الإنسانية دون اندفاع غير محسوب أو عاطفة صارخة النبرات جل همها القتل والتنكيل ومزيد من الكراهية وحب إقصاء الآخرين وإلغاء المختلفين في الدين والعقيدة والمذهب.

back to top