معكم : الديسك!

نشر في 14-07-2011
آخر تحديث 14-07-2011 | 00:00
 عامر الهاجري «شو بدي بالولاد»... لا أريد سواك أنت فقط لأنك «أنت الأساسي»، «رغم العيال والناس»، قالها واقفاً ملتفتاً إلى الكرسي، وعيناه تقطر ولهاً وعشقاً، وعاد يخاطبه «ايييه! والله لن أتخلى عنك إلا إلى المقبرة»، ورفع كفيه إلى السماء مستدركاً «بعد عمر طويل إن شاء الله».

وعبدة الكراسي منتشرون في عالمنا العربي، والشواهد كثيرة في مشرقه ومغربه، وليس من المهم أن يموت الناس أو يتدمر البلد لأن الأساس يظل هذا المقعد الذي دوخ صاحبه، وأقلق منامه وزرع الخوف من فقدانه في نفسه وأصبحت راحته بالجلوس عليه... حتى لو أصابه «ديسك» من قلة الحركة.

ويقال إن الكثير من المسؤولين في الكويت مصابون بهذا المرض الذي قد يؤثر على الحركة خاصة أنه يؤثر على الفقرات السفلية للعمود الفقري، ويسبب آلاماً قوية ووجعاً شديداً يتزايد كلما كبرت «الكرش»، وغطت الدهون المنطقة ما بين الصدر إلى ما بعد السرة من أسفل!

وساعدت الأجواء سواء كانت طقساً أو مجتمعاً أو سياسة على تفشي الوباء داخل أوساط الطبقة الإدارية ما فوق الوسطى في هيكل الدولة، فالحرارة الشديدة وكذلك البرد القارس لا يشجعان على القيام بجولات تفتيشية على الإدارات خارج مبنى «المعازيب»، حيث الوزير يقبع هناك كما الأسد في عرينه، فيعيث الموظفون ورؤساؤهم في الخارج فساداً في مكاتبهم، حتى جهاز البصمة لم ينفع في تقييدهم بساعات العمل، إذ يعمد أغلبهم إلى «التبصيم» والخروج فوراً من حيث أتى، ومن ثم العودة قبل نهاية الدوام!

ولأننا مجتمع متخلف طائفي وقبلي وعنصري، فالكل يرى في الاحتفاظ بالمنصب شطارة وذكاء ودليل قوة المدير، ومن «صادها عشى عياله»، أليس كذلك؟ وكل من ينتقد أمراً سيئاً في هذه الدائرة أو تلك هو حقود أو طائفي أو... أو وكثيرة هي النعوت التي من الممكن أن تلصق بهذا الناقد.

تنشر وسائل الإعلام فضائح ومصائب حول من يفترض أن تتولى وزارة الشؤون رعايتهم، فيزبد ويرعد الوكيل طالباً من الجهات القانونية اتخاذ ما يلزم ضد هؤلاء المتطاولين الذين نسوا أنفسهم وكشفوا خللاً غير موجود! وعلة ابتدعوها! فالحمد لله حسب ما يقول أو ربما كان الكرسي الذي ينطق «الأمور طيبة ونحن حريصون على مصالح أبنائنا!».

ولأن المصالح هي التي تقوم عليها السياسة، والأصدقاء غير ثابتين فيها، فلا ضير أن يقوم وكيل مساعد بإصدار توجيه يفوح بالعنصرية إلى موظفيه، لأن اللون الأحمر يصيبه بالرعب ويذكره بأوائل التسعينيات... وهي فترة يبدو أنه يحاول أن ينساها، وتقف السياسة والتصويت داخل مجلس الأمة حجر عثرة لمحاسبته، فالمهم أن «تعدي الأمور على خير».

وربما أكثر الكراسي تأثيراً بصاحبه... هو الأخضر، فالمواطن يدخله «حافي ومنتف» وبعد الجلوس عليه... تكثر الأحذية في قدمه أو... رأ... وينبت على جسده ريش حوله إلى شبيه بالطاووس!

back to top