الصدقات والثلث والخمس والزكاة وضريبة الزكاة والمجتمع المدني

نشر في 23-06-2011
آخر تحديث 23-06-2011 | 00:02
No Image Caption
 عبدالمجيد الشطي سنحت لي الفرصة في الأسابيع الماضية لزيارة عدد من المتاحف ومكتبة الكونغرس و"مركز كنيدي" في واشنطن وجامعه جورج تاون العريقة و"صالة كارنجي" التي أنشئت منذ 120 عاما، و"مركز لنكولن" في نيويورك وعدد من المعارض الفنية و"السنترال بارك". ومررت على "بيت رانولد ماكدونالدز" الذي يوفر الرعاية الصحية للأطفال المصابين بالسرطان والرعاية الاجتماعية لأهاليهم. ما لفت نظري أن القاسم المشترك بين كل هذه الأماكن العريقة هو اللوحة الموجودة بصدر مداخلها والمزينة بأسماء المتبرعين والداعمين لهذه الأماكن وأنشطتها من أسر أميركية عريقة وشركات وأفراد من عامة الشعب. هذا الدعم الذي لا ينضب والموجه إلى تنمية ركائز المجتمع المدني ومقوماته الثقافية والحضارية بلغ نحو 291 مليار دولار أميركي في العام الماضي، وكان في صورة تبرعات ذهب منها 35 في المئة إلى المؤسسات الدينية ودور العبادة، والباقي إلى شتى المجالات، بما فيها المبالغ الموجهة إلى حملات الإغاثة الإنسانية.

أما هنا في الكويت فبالإضافة إلي الصدقات والثلث والخمس والزكاة فقد سنّ مجلس الأمة منذ خمس سنوات القانون رقم 46 لسنة 2006، وهو ما يعرف جوازاً بقانون "ضريبة الزكاة" والذي من خلاله تجبي الدولة 1 في المئة من صافي أرباح الشركات المساهمة العامة والمقفلة, وسمح القانون للشركات بأن توجه هذا المبلغ أو جزء منه إلى إحدى الخدمات العامة عن طريق وزارة المالية والتي تم تحديدها في المادة (14) من اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تتضمن الأمن والعدالة والدفاع، ولا أعرف هدف تضمينها في هذا القانون كون هذه الخدمات الثلاث بالتحديد جزءا أساسيا من متطلبات ومقومات الدولة وواجب عليها توفيرها.

ولقد شاب القانون الكثير من الجدل السياسي والقانوني والمذهبي قبل إقراره من مجلس الأمة، واعترضت غرفة تجارة وصناعة الكويت عليه بأسلوب "مهني صرف" وبعيدا عن الجدل السياسي والمذهبي قبل أن يقر. ونحن هنا لسنا بصدد فتح مناقشة ما لهذا القانون من عيوب، بل نركز على كيفية إمكانية الاستفادة منه ومن الحصة التي يتم استقطاعها من أرباح الشركات بنسبة 1 في المئة لمصلحة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بشكل أكثر كفاءة لدعم العمل الخيري الموجه إلى تنمية ركائز المجتمع المدني، ومنه مراكز العلم والثقافة والفن والمسرح والعلاج وغير ذلك. فبالرغم من أن القانون يسمح للجهة الدافعة للضريبة بتوجيه ما تدفعه للصرف في الأوجه التي تراها الشركة مناسبة حسب نصوص القانون، إلا أنه حتى وقتنا الحاضر لم تعلن وزارة المالية الجهات التي استفادت من الضريبة التي دفعتها الشركات بالرغم من مرور 3 سنوات على تطبيق القانون، ولا أدري هل قامت الوزارة بالفعل بصرف المبالغ المتحصلة من هذه الضريبة وما هو المصير الذي آلت إليه؟ ومن اجل الاستفادة المثلى من القانون بات مهماً وضرورياً اعطاء الجهات التي تدفع الضريبة حرية صرف المبلغ وخصم أية تبرعات اجتماعية تخدم المجتمع المدني واعتبارها اعفاءات من إجمالي قيمة الضريبة الواجب دفعها لوزارة المالية. وتطبق نفس القاعدة بالنسبة للمساهمات التي تحصل عليها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. (علما بأنه تمت مخاطبة وزارة المالية سابقا بهذا الشأن، الا انها رفضت الاقتراح). أما بالنسبة للزكاة والخمس والثلث والصدقات فأتمنى أن يتم صرف ولو 25 في المئة منها على مشاريع تعزز مبادئ المسؤولية الاجتماعية ومقومات المجتمع المدني والمواطنة الحقة. فثمة مشاريع خيرية كثيرة تحتاج إلى الدعم مثل "بيت عبدالله" وهو على غرار "بيت ماكدونالدز". ولقد أنشئ أول "بيت ماكدونالدز" في عام 1974 من تبرعات الأفراد وبدعم من سلسلة مطاعم ماكدونالدز، ووصل العدد الآن إلى 305 منتشرة في أنحاء العالم. فهل نحن مستعدون ونحن مقبلون على شهر رمضان الفضيل لتوجيه ربع مبالغ الصدقات والثلث والخمس والزكاة و"كل" ضريبة الزكاة إلى تنمية المجتمع المدني بما ينطوي على ذلك من تدعيم مفاهيم الثقافة العامة والعلم وإنشاء المتاحف والمسارح ودعم الفن، بالإضافة إلي دور العبادة المنتشرة يميناً ويساراً في دولنا وغرس مبادئ المسؤولية الاجتماعية الحقة وتعزيزها في مجتمع جبل على عمل الخير.

*رئيس اتحاد مصارف الكويت السابق ورئيس البنك التجاري سابقاً

back to top