ما زالت تجربة

نشر في 16-06-2011
آخر تحديث 16-06-2011 | 00:04
No Image Caption
 د. خالد عبداللطيف رمضان عندما نتكلم عن الحياة البرلمانية في الكويت غالباً ما نقول: التجربة البرلمانية أو التجربة الديمقراطية بعد ما يقارب من خمسين عاماً على بدء الحياة البرلمانية ومازلنا متمسكين بتسميتها «تجربة»، فأي تجربة تظل خمسين عاماً دون أن تستقر؟!

البدايات كانت جيدة، مثلما ينبغي أن تكون البدايات، لكن انحرفت الممارسة مع مرور السنين وبرزت مجموعة من السلبيات وتعمقت، منها غياب الحياة الحزبية، وكان البديل البحث عن مظلة أخرى، وهي غالبا قبلية أو طائفية أو عنصرية... وكلما مر الزمن تعمقت الولاءات القبلية والطائفية والعنصرية، وتشظى المجتمع، وبالتبعية ظهرت سلبية أخرى، وهي «الانتخابات الفرعية» التي تسبق الانتخابات الفعلية، لكي تضمن كل قبيلة ما تسعى إليه من عدد المقاعد دون أي اعتبار للكفاءة والقدرة على تحمل أعباء النيابة عن الأمة، واليوم يكاد يتحول هذا التشظي في المجتمع الكويتي إلى مشروع فتنة وصراع طائفي تارة أو قبلي حضري تارة أخرى.

لذلك فالتركيبة النيابية لا يجمعها جامع و»كل يغني على ليلاه»... و»ليلى» قد تكون العائلة أو القبيلة أو الطائفة، حتى إن حاول بعض النواب خلق تكتلات تجمعها الرؤية المشتركة، لكنها سرعان ما تنفرط عند أي اختبار جدي.

وقد ساهمت الحكومات المتعاقبة في إفساد البرلمان من خلال تدخلها في دعم بعض المرشحين وتمويلهم لإنجاحهم وفتح كل الوزارات لتسهيل معاملاتهم لضمان حصولهم على الشعبية التي تصل بهم إلى كرسي البرلمان، وهو ما تسبب في إفساد الإدارة الحكومية وتخلفها من ناحية وتبديد الموارد المالية من ناحية أخرى، كما ترتب على ذلك تدخل النواب في شؤون الوزارات والهيئات الحكومية والتأثير في قراراتها.

وبعد مرور ما يقارب نصف قرن على الحياة البرلمانية، آن الأوان لتقييم المسيرة وتقويمها لتعزيز الديمقراطية أولاً، ولإنقاذ الوطن مما يعتريه من فساد وتخلف في مناحي الحياة المختلفة ثانياً، ولإنقاذ البلاد من شرور الفتن بين أطيافه التي بدأت تطل علينا ثالثاً. ولا سبيل لتقويم مسيرتنا الديمقراطية، إلا بالترخيص لإنشاء الأحزاب السياسية، فعادة ما يجمع أعضاء الحزب الواحد، أرضية فكرية مشتركة، ورؤية متقاربة للعمل السياسي وإذا كانت هناك عصبية للحزب فهي عصبية فكرية ليست بخطورة العصبية العنصرية أو القبلية أو الطائفية.

والتطور المنطقي للحياة الديمقراطية يحتم وجود الأحزاب التي تملك منهجاً واضحاً في العمل السياسي، وتقدم رؤيتها للجمهور في كيفية إدارة شؤون الدولة، من خلال برنامج محدد يكون متاحاً لجمهور الناخبين للاطلاع عليه والمفاضلة بين الأحزاب المتنافسة، لاختيار أفضل من يمثلهم.

ويستتبع ذلك إجراء التعديل الدستوري اللازم لزيادة أعضاء البرلمان، لكي يواكب الزيادة في عدد السكان من ناحية، ولكي يتيح للحكومة زيادة عدد وزرائها من ناحية أخرى فليس من المعقول تولي وزير واحد شؤون وزارتين مهمتين مثل وزارة التربية ووزارة التعليم العالي، وكل واحدة منهما تحتاج إلى جهود جبارة للإشراف على شؤونها، أو وزارة الإعلام ووزارة المواصلات فكل واحدة منها تمثل هماً ثقيلاً وتحتاج إلى وزير متفرغ... وهذا ينطبق على جميع الوزارات في حاجتها إلى وزير متفرغ.

كما أننا قد نحتاج إلى إنشاء وزارات جديدة في المستقبل، فالتطور والنمو حتميتان تاريخيتان، لكننا للأسف نسير عكس التاريخ، ونظل نجتر ما اعتدنا عليه دون أن نحاول تغييره أو تطويره نحو الأفضل... أما آن الأوان لكي نخطو إلى الأمام؟ وإلى أن يحين ذلك الوقت فإن المطلوب من الحكومة أن تخطو نحو مجلس الأمة فتتحالف مع القوى الوطنية بدلاً من نواب الخدمات، ففي ذلك توفير للكلفة المالية والسياسية، وعلى مجلس الأمة أن يمد يد العون للحكومة في أي توجه للإصلاح والإنجاز... لعل وعسى!

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top