استيراد... لا وطني!

نشر في 25-06-2011
آخر تحديث 25-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 فراس خورشيد كل محاولات الإنسان للرقي في المجتمعات والدول تعيده إلى الفطرة، إذ يفكر ببدائية ما له وما عليه، وكيف يعيش ويتعامل مع الآخرين... "فطرة الله التي فطر الناس عليها"، ولا تخرج كل مواثيق الإنسانية عن هذه الأمور الفطرية البسيطة التي لا تريد من الإنسان إلا أن يكون إنساناً.

استوردت الشعوب هذه المبادئ لتعزز إنسانيتها وتدعم انتماءها لأوطانها، وتبني نفسها بحب وتلاحم في أطر أقطارها، إلا نحن في الكويت ما كنا نحتاج استيرادها "أي هذه المبادئ" في ظل مجتمع فطري أخلاقي متحاب متلاحم كان ينبغي أن يكون فخراً لنا، فاستوردنا عوضاً عنها كل ما رماه غيرنا من رذائل أخلاقية وفكرية وإنسانية، لتقسيم مجتمعنا بعصبية جاهلية لا تمت إلى الكويت بِصلة. إن الوضع الذي وصلت إليه الكويت في ظل المستورد الدخيل بالطبع لن تحسد عليه، فقد وصلنا إلى مجتمع مفكك مشتت مخرب انتهازي وطائفي بامتياز، وكل ذلك لغياب دولة الدستور وسيادة القانون، وللأسف دخلت السلطة التشريعية ولو بجزء منها طرفا في معادلات محاصصة المجتمع الكويتي، وتسيد "الواسطة" فوق القانون لكسب ولاء قبلي وطائفي للأفراد، مما أفقد الدولة مكانتها وهيبتها، وأفقد المجتمع حبه وتلاحمه القديمين.

والحلول الشعبية الفردية لإعادة الأمور إلى نصابها ليست بسهلة، فهي تحتاج من كل أفراد المجتمع أن يغيروا من أنفسهم دفعة واحدة، وهذا لا يكون إلا في الأزمات الشديدة غير التدريجية؛ أما أن نتغير فردا فرداً في ظل هذا التناحر والوصول التدريجي إلى أزمات مفتعلة، فهو كالحفر بإبرة في جبل صلد. إن حل أزمة الاحتقان الطائفي في الكويت يجب أن تتم من أعلى المستويات بل أعلاها، فالكويت يتهددها خطر داخلي حقيقي، وهو أسوأ من الأخطار الخارجية بما فيها الغزو الصدامي، إذ عادت بوحدة شعبها، واليوم قد فقدنا جزءاً كبيراً من هذه الوحدة.

وإلى أن تلتفت الحكومة أو المجلس أو غيرهما إلى هذا الوضع المأساوي، ويفكران فيخططان ويشرعان في اتخاذ التشريعات والتدابير اللازمة، فإن على كل شخص تحمل مسؤوليته الإنسانية والوطنية التي تبدأ بكف لسانه و"كيبورده" عن غيره، ثم التفكير عميقاً في السبب الفعلي لما وصلنا إليه، فنصف الدواء معرفة الداء.

back to top