شخصية المواطن الكويتي

نشر في 02-06-2011
آخر تحديث 02-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. خالد عبداللطيف رمضان جميل أن تشعر الحكومة، ولو بشكل متأخر، بأهمية الالتفات إلى الإنسان الكويتي لبناء شخصيته وفقاً لما تقتضيه مصلحة الوطن، من حيث غرس روح الولاء والانتماء إلى الوطن، والمحافظة على النسيج الوطني من آفات القبلية والطائفية والفئوية العنصرية، فالقرارات التي صدرت بهذا المعنى من مجلس الوزراء الحالي في أول اجتماعاته تثلج صدر كل من حمل هم هذه القضية لسنوات دون أن يجد التفاتة أو استجابة من الحكومة، وها هي أخيراً تصدر قرارات بهذا الخصوص، ولكن السؤال المهم كيف سيتم تطبيق قرارات الحكومة في الوزارات والهيئات ذات الشأن؟ وهل يؤمن المسؤولون عن هذه الجهات بهذه القضية؟

بداية لابد من لقاء جميع الأجهزة المعنية بالتربية والتعليم والتوجيه والتثقيف لوضع تصور واضح لهوية المواطن الكويتي المراد تحقيقها.

هل نريده منفتحاً حر التفكير، على سبيل المثال، ومؤمناً بحرية الآخرين وحقهم في الاختلاف معه، أم نريده منغلقاً محافظاً يخشى كل جديد ويرى فيه «بدعة»؟

ويمكننا أن نتوسع في الملامح التي نتوخاها في مواطن المستقبل،

مثل ترجمة حبه وولائه للوطن إلى سلوك يتمثل بالحفاظ على الأموال العامة والمرافق والموارد العائدة إلى هذا الوطن، واحترام الرأي الآخر وتقبل الآخرين مهما اختلفت أصولهم أو معتقداتهم، وتقديس العمل والإخلاص فيه، واحترام العمل اليدوي. نستطيع أن نربي في المواطن الإيمان بالعلم وسيلة للترقي والنهوض، والسعي إلى توسيع مداركه من خلال تنمية معارفه وتثقيف نفسه وتذوق الفنون بأشكالها كافة.

ومثل ذلك كثير من القيم والصفات التي نريدها في المواطن الكويتي،

ونعود إلى السؤال الأساسي من يقوم بدور بناء شخصية المواطن؟

بالتأكيد لا يتعلق الأمر بجهة واحدة.

فهناك وزارات وهيئات عدة معنية بتشكيل شخصية المواطن وتحديد هويته ولعل أهمها وزارة التربية، ولكنها لن تستطيع بنهجها الحالي أن تفعل شيئاً، ما دامت المدرسة أصبحت مجرد مكان للتلقين، وتخلت عن دورها التربوي الذي كانت تمارسه في الخمسينيات إلى فترة الثمانينيات من القرن الماضي. بإمكان المدرسة أن تفعل الكثير من خلال النشاط المدرسي «اللاصفى» والنشاط الطلابي الصيفي... فالمدرسة تتلقى الطفل في سن مبكرة وتتعهده إلى أن يصل إلى سن الشباب، وهي فترة التشكيل والبناء. لابد أن تعتني وزارة التربية بالنشاط المدرسي، وأن تعيد له مكانته في العمل التربوي؛ فمن خلاله نستطيع تشكيل شخصية الطالب وغرس القيم الإيجابية التي نريدها، لذا يجب تخصيص فترة زمنية كافية للنشاط المدرسي ضمن الجدول المدرسي ولو مرة واحدة في الأسبوع، والاهتمام بكل الأنشطة الفنية والرياضية والاجتماعية مثل الفرق الرياضية للألعاب المختلفة وفرق الأشبال والزهرات والمرشدات والكشافة ونشاط الرحلات والتمثيل والموسيقى والعلوم والرسم والخط والمكتبة وغيرها من الأنشطة التي عرفتها مدارسنا عبر تاريخها.

فمن خلال النشاط المدرسي كسبت الكويت في تاريخها المعاصر القيادات ونجوم الرياضة والفن والأدب. كما يمكن تفعيل مراكز رعاية الشباب التابعة للهيئة العامة للشباب والرياضة وزيادة عددها لكي تكون في كل مناطق الكويت حتى تكتمل رسالة المدرسة في رعاية المواهب الرياضية والفنية والأدبية ومتابعتها وتنميتها. ويستكمل هذا الدور في المعاهد العليا والجامعات من خلال إفساح المجال للطلاب لممارسة الأنشطة التي تنمي مواهبهم الرياضية والفنية والأدبية والعلمية. ويقع على وزارة الإعلام عبء كبير في توجيه المواطن وتشكيل شخصيته. لذا مطلوب من وسائل الإعلام الرسمية المسموعة والمرئية أن تتفرغ لدورها التوجيهي والتثقيفي وألا تركز في عملها على برامج التسلية والترفيه، فهي لن تستطيع مجاراة المحطات الخاصة وعليها أن تقوم بما يجب عليها من حشد برامج التوعية والتثقيف ضمن خريطة برامجها؛ بحيث تحقق هذه البرامج أهداف الدولة المرجوة في مجال بناء شخصية المواطن الكويتي. كما ينتظر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب دورا كبيرا في مجال توظيف العمل الثقافي في خدمة الجهود التي تصب في بناء شخصية المواطن، فالأنشطة الفنية والأدبية يجب ألا تكون كيفما اتفق، بل يجب أن يتم اختيارها وبرمجتها بما يخدم أهداف المجتمع في الارتقاء بذوق المواطن وتشكيل هويته. ويملك المجلس وسائل كثيرة لتحقيق ذلك من خلال معرض الكتاب و«مهرجان القرين الثقافي» و«مهرجان الموسيقى» و«مهرجان الطفل» و«المهرجان المسرحي» والمطبوعات العديدة التي يصدرها، ويمكنه التعاون مع منظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن الثقافي لتحقيق أهدافه لأن الأهداف تلتقي في سبيل خدمة المجتمع ولا يمكن ترك كل جهة تعمل منفردة بشكل منعزل عن بقية الجهات.

فلابد من إيجاد صيغة أو كيان مركزي ينسق بين جميع المؤسسات والوزارات المعنية؛ بتوجيه المواطن وتشكيل شخصيته وفق رؤية واحدة؛ ضمن أهداف محدودة تسعى إلى تشكيل شخصية المواطن وفق ما يريده المجتمع الكويتي؛ لكي ينهض ويرتقي بجهود أبنائه وسواعدهم، ونحصنه من الفتن ومسببات الفرقة والتشرذم.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top