بنات العم... بروفات لشيء أفضل

نشر في 10-02-2012
آخر تحديث 10-02-2012 | 00:01
 محمد بدر الدين «بنات العم» هو الفيلم الأحدث للثلاثي السينمائي الشاب: هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي، وقد قدموا سابقاً «ورقة شفرة» و{سمير وشهير وبهير»، وهم يقدمون أفلامهم كمؤلفين، وكأبطال يمثلون ما يكتبونه من سيناريوهات.

يؤكد الفيلم الجديد «بنات العم» للمخرج أحمد سمير فرج الدأب الذي يتسم به الثلاثي السينمائي، وإصراره في مختلف الظروف التي تمر بها السينما المصرية أياً تكن صعوبتها، ومن ناحية أخرى إصراره أيضاً على تقديم لون معين هو كوميديا أو فكاهة ذات طابع فانتازي، قد تستند إلى قالب البارودي الذي يسعى إلى تقديم سخرية من أعمال معروفة في السينما والفنون.

يختلف ذوق الجمهور حول أعمال هذا الثلاثي، فثمة من يرى فيه سينما مسلية طريفة بريئة تحقق له تمضية وقت ممتع (خصوصاً الأجيال الجديدة)، وثمة من يرى فيه سينما تفتقد إلى التوهج، غير دسمة أو مقنعة حتى كفكاهة ساخرة أو فانتازيا كوميدية، وأنه يدخل في ركام الأفلام التي لا قيمة لها وبقدر ما أنه لا ضرورة لها.

الحق أننا نستشعر في أفلام الثلاثي التي عرضت حتى الآن، أنها أقرب إلى «بروفات» لسينما مقبلة قد تكون أفضل وأنضج، وأن مواهب أفرادها لم تتح لها بعد ما يؤكد عمقها أو تميزها، وربما ينقص هذه المواهب مزيد من الصقل والخبرة والثقافة، لكنها بالجدية والإخلاص للفن قد تكتسب مع الوقت ما ينقصها.

يبدأ «بنات العم» بمدخل لحدوتة خيالية، حول قصر ترثه ثلاث فتيات عن جدهن، وعليهن الالتزام بتحذير الجدة من اللعنة التي ستصيبهن إن قمن ببيع القصر، الأمر الذي يقدمن عليه فعلاً بعد أن يعرض عليهن مبلغ كبير تصعب مقاومته!

أما اللعنة، فهي أن يتحولن في هذه الحال إلى رجال، وهو ما يتحقق نتيجة البيع، وتستغرق الفيلم بعد ذلك مواقف لمحاولة استعادة القصر، وبالتالي استعادة الأنوثة! وهي مشاهد قد نشعر فيها بتكرار، وكانت بحاجة إلى تجديد وابتكار وحيوية أكبر.

بل إنها افتقدت أيضاً العناية الفنية والحرفية الضرورية، فجاء معظم عناصر الفيلم الفنية متواضعة، وهي مسؤولية الإخراج والسيناريو، إلى جانب التصوير (شادي علي)، والمونتاج (عمرو عاصم)، والديكور (أيمن فتحي)، والموسيقى (مصطفى الحلواني). فلم يكن في اعتبارهم أن يقدموا عملاً مميزاً، بقدر ما أن يكون مسلياً، فجاء الفيلم ليصبح من النوعية التي تمر مرور الكرام، لا تبقي لنا الكثير الذي قد نناقشه بجدية.

على الثلاثي الشاب أن يطور أدواته، ويزداد وعياً إلى جانب الدأب الواضح فنحن نشعر أنه يستطيع. لذلك قلنا إن أفلامه حتى الآن تبدو «بروفات» لشيء أفضل.

عموماً، فإن الكوميديا في مصر بحاجة إلى عناية كبيرة وأن تؤخذ بجدية، لأن آفة الكوميديا في مصر الاستسهال، والظن بأنها أسهل عما عداها، مع أن كل من يخوض تجربتها بجد، يدرك حقيقة كونها الأصعب والأدق!

يتطلب تقديم فن ساخر في إطار «البارودي» جهداً من نوع خاص، بين الإلمام بالأصل وقراءته بنفاذ، واستخلاص ما لا بد من أن توضع تحته خطوط، لأن أصحاب العمل يحرصون على أن تصل تلك الخلاصات إلى المتلقي، وعبر اتقان وإحكام درامي وحيوية إيقاع.

وهي مع الأسف الشروط والعناصر التي عجز فيلم «بنات العم» على أن يبلغها، ويجب على أصحابه أن يعيدوا تقييم مسارهم لأجل الأحسن والأنفع للسينما، ولمشاهديها، ولهم!

back to top