السعدون... الصقر... الراشد

نشر في 11-02-2012
آخر تحديث 11-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. عبدالله محمد الوتيد حسم التصويت الشعبي لأهل الكويت اختياراتهم لمرشحيهم في مجلس الأمة لعام 2012، فنحن كأبناء لهذا الوطن اخترنا مجلساً ذا صبغة دينية متطرفة في آرائها وطرحها السياسي، كما اختار أهل الكويت ولأول مرة شخصيات أقل ما تستطيع أن تقول عنها وتصفها بأنها شخصيات مثيرة للجدل.

إذن جاء مجلس 2012 وبامتياز مجلساً ستزيد فيه وتيرة الغلو والتشدد والإثارة، واختفت فيه سمة الاعتدال، هناك من يطرح أن الأيادي الحكومية ما زالت هي المحرك الأساسي لهذا المشهد السياسي الذي نعيشه الآن، حيث دأبت الحكومة من خلال محاولات حثيثة ومستمرة على تشويه صورة المجلس وتعطيل حراكه الديمقراطي الطبيعي.

ها قد جاءت الفرصة السانحة للقيادة السياسية والسلطة الحاكمة لتبرئ نفسها من تلك الأقاويل وهذه المزاعم، فبيت الأمة مقبل على انتخابات رئاسة المجلس في ظرف أيام قلائل من خلال تقدم 3 نواب لهذا المنصب هم: السعدون، الصقر، الراشد. فالراشد بعد أن أعاد تقييم حساباته وقرأ طبيعة المجلس بأطيافه السياسية أقدم على سحب أوراق ترشحه لتضاؤل فرص نجاحه معلناً دعمه للصقر في انتخابات رئاسة المجلس.

السعدون كما خبرناه يمثل الزعامة التقليدية للمعارضة، في حين يمثل الراشد خط الموالاة للحكومة، أما الصقر فهو يمثل الاعتدال الليبرالي الذي لا أثر له بعد أن فقد كثيراً من رموزه وأعضائه، ففي ظل توجهين واضحين معارضة وموالاة، واعتدال على الساحة البرلمانية، ارتأت الموالاة أن تبطن من وجودها من خلال التصاقها بالقلة القليلة من المعتدلين في المجلس من خلال رئاسة الصقر.

إنه من الأولى للأخ محمد الصقر أن يبتعد عن هذا الصراع على الرئاسة الذي لن يكون له فيه ناقة ولا جمل... فهذا المجلس لباسه الأساسي المغالاة والإثارة مما يجعل مساره المساجلات المرهقة، ودروبه الجدليات المضنية من خلال أشكال طائفية أو عنصرية إثنية.

فالمغالاة والإثارة عنصران لا يتماشيان مع الاعتدال السياسي، وهو ما يجعل من مهمة النائب الصقر غير ممكنة إن لم تكن مستحيلة. فستؤدي لا محالة إلى تشويه تاريخه السياسي وسمعته البرلمانية. فهو في نظري شَرَك سياسي لكل معتدل يترأس مجلساً متطرفاً في الطرح والآراء، لهذا فإن نأي الصقر بنفسه عن الرئاسة سيقيه شرور هذه المرحلة كما أنها ستحقق ما يلي:

أولاً: معرفة ما إذا كانت نتائج هذا المجلس نتاجاً لاختيار شعبي محض من خلال اختيار السعدون رئيساً للمجلس، فنجاح السعدون مؤشر على أن الكويت اختارت رئيساً منها، وعلى الكويتيين أن يتحملوا تبعات هذا الاختيار ويتوقفوا عن الاتهامات المستمرة للسلطة ونوايا التدمير والتخريب لبيت الأمة، فهم من اختار أعضاءه ورئيسه ولجانه، أما إذا جاء نهج الراشد، من خلال الصقر، إلى سدة مجلس الأمة فإن الشكوك ستتزايد وستستمر حول التدخلات الحكومية المتواصلة للتأثير في حرية القرارات البرلمانية واستمرارية النهج الحكومي الذي لا يريد لهذه المؤسسة الشعبية أن تستقر وتنمو ضمن أجواء طبيعية وسيتهم الاعتدال والليبرالية باصطفافها مع الحكومة وعلى رأسها الفاضل الصقر.

ثانياً: السيطرة كلما أمكن على مستويات المغالاة والتشدد من خلال رئاسة المجلس الحالي للسعدون، فهو يعتبر ولفترة ليست بقصيرة أحد أهم أقطاب المعارضة الرئيسة، ووجوده على سدة الرئاسة تعطيه الأفضلية النسبية في السيطرة على مسارات التطرف وقنوات المغالاة في الطرح والطرح المضاد. الصراع البرلماني- البرلماني المتوقع سيعطي للسلطة، على طبق من ذهب، الذريعة لتعطيل أعمال المجلس تحت غطاء عدم توافق الأعضاء.

back to top