عليٌ يا علي

نشر في 21-08-2011
آخر تحديث 21-08-2011 | 00:00
 فراس خورشيد بين صفعات الانحطاط الخلقي، والجهل الأممي، وسوء التعامل بين أبناء ديني ووطني، لا بد لنا أن نرتقي بين فينة وأخرى، نداعب السحاب بأنامل الحب والولاء، نستحثها مستجدين قطرةً من فيض نور العظمة، تروي جرداء أرضنا التي غار من مدامعها ماء الحياة وتقهقرت بسمات الروح من مرابعها، فتزهر من فيضها يانعةً سَبْخُ أراضينا، وتضيء سائر أيامنا إن اقتدينا وسرنا على خُطىً رسمت لنا طريقَ نجاة الدارين. فذاك عليٌّ عليه السلام رمزُ الهدى، كما روي في عهده لمالك الأشتر أنه قال: «وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك». فإذا كان نظر عليّ الإنسان لأخيه الإنسان، وهو من يدور العدل معه، وكان في قمة دولته، فتحت يده العدة والعتاد وأمور العباد، بهذه الرحمة والأخلاق والمحبة والرأفة والإنصاف، فكيف إن كان منا ضعيفاً جاهلاً بأبسط أمور الدين والدنيا؟ فليست هذه الكلمات إلا شعاعاً برّاقاً من أضواءٍ بزغت ومازالت من صافي نبعه الوهاج، لننعم منها ونهتدي وبدربه نقتدي، فلو أخذناها منهاجاً لتعاملنا مع بعضنا على كثرة مشتركات الأخوة بيننا، واحترمنا الإنسان مهما ابتعد عن انتماءاتنا العقدية والفكرية والعرقية ولم نكشر الأنياب في وجوه إخوتنا ونظرائنا، ولبرزت من قلوبنا الرحمة وأفعمناها بالمحبة واللطف، فالإنسان إن لم يكن أخا لنا في دين فهو نظير لنا في خلق رضي الله به تكوينا فأوجده، وهو الذي أحسن كل شيء خلقه، فأنَّى لنا أن نبدي الظلم والقهر والعداء لإنسان لمجرد اختلاف أو عرض من الدنيا لا محالة زائل؟

فماذا أخذنا ونأخذ من سيرة عليّ ونحن في ذكرى شهادته، فحتى مع أشقى الأشقياء ابن ملجم، لم يروَ عنه إلا أحسن الحسن، فحين تحقق الوعد النبوي بأن خضب ابن ملجم شيبته الطاهرة من دم رأسه الزكي وهو في محرابه لله ساجدا، ما كان منه بعد أن أتى الحسنان بابن ملجم موثقا، إلا أن فتح عينه وقال لهما: «الرفيق الأعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا، ضربة بضربة أو العفو إن كان ذلك»، فهذا عليٌ نفس رسول الله ووارثه، فماذا ورثنا نحن من تلك الرفعة والعظمة العالية؟ هل تعلمنا واعتبرنا واهتدينا؟ أما آن لنا أن ننظر إلى معدن العلم والحكمة لنقتدي، وأن نؤمن بكل الكتاب لا ببعضٍ ونكفر ببعض؟

وعظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيد الوصيين حبل الله المتين علي بن أبي طالب أمير المؤمنين.

back to top