خذ وخل: التغيير لا الإصلاح

نشر في 09-02-2011
آخر تحديث 09-02-2011 | 00:00
 سليمان الفهد * ثمة مفارقة لافتة لنظر شاهد العيان بشأن حظر التجوال تتبدى في أن العديد من المواطنين يقبعون في منازلهم وأحيائهم إبان فترة السماح بالتجول، ويهرعون إلى ميدان التحرير قبيل الحظر بساعة! وهناك تشنيعة لاذعة تتواتر بين المصريين في هذا السياق تقول إن المواطن المصري الوحيد الملتزم بحظر التجوال هو السيد الرئيس وحده فقط لا غير.

ما علينا الشاهد أن هذه الخاطرة تدبج صبيحة اليوم الخامس عشر لثورة 25 يناير وشاهدت الشباب والكهول منذ الصباح الباكر، يتوجهون إلى الميدان استجابة لدعوة المظاهرة المليونية المعلنة، وكأن كل واحد منهم يسعى إلى أن يكون في عين الكاميرا.

تماما كما قال الشاعر «صلاح جاهين»: «صورة صورة كلنا كده عايزين صورة، صورنا يا زمان يا زمان صورنا، حانقرب من بعض كمان؛ واللي حايبعد من الميدان عمره ما حيبان في الصورة!». وأحسب ألا حاجة بي إلى الإشارة إلى أن أغلبية الشعب حريصة جدا على أن تكون ضمن «الكادر» وفي الصورة الشعبية الجامعة، ذلك أن «الصورة» التقليدية للشعب التي تزعم أنه خانع قوضتها ثورة 25 يناير. يقول أستاذي الدكتور أحمد عكاشة في معرض إجابته عن سؤال لصحيفة الوفد 3 فبراير الجاري حول لماذا ينتفض المصريون؟ يقول: «أختلف مع د. جمال حمدان عندما قال إن سمة المصري أنه خانع ويخاف من السلطة ومطيع وسلبي واعتاد الراحة بجوار النيل! لكنه نسي أن المصري يتميز بالصبر، فتجد أن الصفة الأصلية فيه هي عدم إيثار الذات والشجاعة والكرامة، وإذا كانت ثورة تونس تسمى «ثورة الياسمين» فإن ثورة مصر تسمى «ثورة الجمل»، لكونه يتسم بالصبر، وعندما يغضب يكون غضبه شديدا ومفاجئا...».

* والحق أن ثورة 25 يناير الشبابية مصرة على حدوث التغيير لا الإصلاح! لأن الأخير- وفق السوابق- يعالج الأعراض لا الأمراض، ويعنى بتقديم المسكنات النائية عن علاج أمراض الفقر والجوع والفساد وغيرها من مطالب شباب ثورة 25 يناير وعلى رأسها تنحي الرئيس عن السلطة فورا، ومن هنا تجد أن الأغلبية المفضلة للشباب الثائر، والملعلعة في الميدان هي: «أسألك الرحيلَ!» لأنهم يتوجسون بشدة من نكث النظام لعهوده ووعوده!

ولعل مسك الختام لهذه الخاطرة قصيدة «أبو النجوم: أحمد فؤاد نجم» الموسومة بـ«النعمة فاقت حدها»:

«نظراً لأن النعمة فاقت حدها؛ ولأننا مش قدها، ولأن- فعلا- إنجازاتك فوق طاقتنا نعدها، ولأننا غرقنا في جمايل مستحيل حنردها. نستحلفك... نسترحمك... نستعطفك... نستكرمك... ترحمنا من طلعة جنابك حبتين.

عايزن نجرب حلقة ثانية ولو يومين؛ اسمع بقى: احنا زهقنا من النعيم، ونفسنا في يومين شقا!

عايزن نجرب الاضطهاد، ونعوم ونغرق في الفساد. بيني وبينك حضرتك: دا شعب فقري ما يستحقش جنتك. أنا عارفه شعب ما ينفعوش؛ إلا شارون وبلير وبوش! عايز يجرب الامتهان، ويعيش عميل للأمريكان. بيمد «غازه» لإسرائيل ويومين كمان ويمد نيل، أهو يعني نشرب ميه واحدة، ندوب في بعض ماء وماء وماء، ونفض سيرة الانتماء؛ وبلاها نعرة وطنطنة تبقى البلاد «مستوطنة» متسلطنة بالسرطنة. إيه اللي خدناه م الكرامة والإباء: حبة خطب وكلام.. كلام! احنا راهنا على النظام؛ ورضينا بخيار السلام؛ «بخيار» حنسد عين الشمس بيه، علشان ما يطلعش النهار. ويطلع لمين؟ حبة معارضة مغرضين؟ وحسب بيان السلطة: شلة مأجورين؟ ياعم فضك سيرة وارضى بقسمتك؛ دا شعب مش فاهم أكيد، يالا اطرده من رحمتك، وإن كنت غاوي الحكم خليك مطرحك، حاغطس وأقب وأعود بشعب يريحك: راضي وعمره ما يجرحك؛ أخرس وما يسمعش، وأعميلك عينيه. مش كل قرش يبص فيه؛ ما يقولش لأه، وفين، وليه. يضرب ينفض في السليم، وعلى السراط المستقيم، كل اللي يعرف ينطقه: عاش الزعيم يحيا الزعيم»!!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top