يوم من الصمت

نشر في 30-04-2011
آخر تحديث 30-04-2011 | 00:00
 حمد بدر الزمامي  إذا اتفقنا في البداية أن الصمت عبارة عن رحلة نسبر فيها أغوار نفوسنا لنعرفها أكثر مما كنا نعتقد، رحلة لا ننبس فيها ببنت شفة تعليقاً على أي مما سنراه بصوت مسموع، سيكون الصمت هنا هو الوجه الثاني للتأمل، ومن يعرف كيف يتأمل أصبح مثل الملاحظ لكل تلك الأشياء البسيطة، وتلك الأصوات العابرة التي تشكل حياتنا.

عندما نتفق أن نصمت، ليس معناه أن نسكت عن المطالبة بالحق مهما كانت وجهات نظرنا تجاه قضاياه، لكن معناه أن نتحد مع هذا الكون من غير أي كلمة أو رأي منطوق، لنستوعب الأشياء بصورة أكبر.

لنجرب أن نعتزل حياتنا الروتينية يوماً، لنجرب أن نبدأ في يوم رحلة صمت وتأمل، محافظين على قناعات تأصلت فينا لكن لن نتكلم عنها في تلك الرحلة: ماذا سيحدث إذن؟ ستذهلون.

أحب أن أستخدم هذه الوسيلة لكي أتأمل، جلسات التأمل تثري أنفسنا وعقولنا دائماً، لكن كيف؟

عندما نصمت سنقدر قيمة الكلام، جرب أن تصمت في ذاك اليوم ولا ترد على أحد، ستنزعج من نفسك ربما وسينزعج منك الآخرون، لذلك كن وحيداً في ذلك اليوم وستكتشف أن الصمت ثقيل إن طال، جهاد للنفس من أجل التأمل في دنيا خلق الله، لا إراديا ستقفز أمامك ذكريات من عمر حياتك، جميلة كانت أم قبيحة، ستربطها بما تراه عيناك أو بتلك الأصوات العابرة التي ترتج في مسامعنا من دون استئذان.

لحظات ذلك اليوم ستكون بطيئة المرور، لكننا في نهايته سنعرف قيمتها غير المقدرة بشكل كاف، ذلك عندما يعبر الزمن عبرنا محملاً بكل شيء لابد له أن يترك عند محطاتنا شيئاً، فكروا في ذلك الشيء.

قيل إن عرفت قيمة الصمت فستجد العالم كله صامتاً، لكن هذا التوازن اللا إرادي بين البشر الصامتين والذين لا يتوقفون عن الكلام، والآخرون ممن يتكلمون بشكل معتدل، ما هو إلا حكمة ربانية يجب أن نقف عندها لنفهمها ونتفكر فيها.

وهذه الحكمة تنطبق على كل شيء، لنأخذ حال البلد مثالاً، عندما نجلس مع أنفسنا صامتين، سيرتب الصوت الذي بداخلنا كل المشاهد وستتضح الرؤية بعد حين.

عندما تصمت يوما ستتذكر مرحلة من حياتك، ربما ستذكر حينها حلم الطفولة، ستضحك على نفسك في حال كان حلم طفولتك أن تصبح «سوبرمان»، أرأيت؟ الصمت يجعلنا نتحد مع أنفسنا لنفهمها أكثر في كل مرة. ربما ستذكر موقفاً جميلاً مرّ في حياتك، عندها سيبث الفرح في نفسك من مكان غير معلوم، ذلك الشعور الذي لا سعر له.

أو ربما ستذكر أي موقف آخر، مهما كانت ماهيته، تصرف بذكاء حينها لأن الحلول ستكون أمامك تنتظر أن تستوعبها، فالصمت لا يقدم إلا الحلول.  

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top