تكنولوجيا أصابع

نشر في 07-05-2011 | 00:00
آخر تحديث 07-05-2011 | 00:00
 محمد راشد بينما أنت تمشي في أمان الله، إذ تميل عليك السيارة التي بقربك شيئاً فشيئاً وكأنها تتلهف بشوق لاحتضان سيارتك دون سابق معرفة، تضطر حينها للجوء إلى المنقذ «الهرن» لتنبيه صاحب السيارة الذي تعتقد للوهلة الأولى أنه أصيب بنوبة سكر مفاجئة أفقدته وعيه، لكن المفاجأة بعد تداركه للوضع، أنك حين تلتفت إليه تجده «يبصم» على النقال!

هذا الموقف ليس مشهداً من مسلسل سيعرض في رمضان المقبل، بل هو منظر يتكرر بشكل يومي على الطرق السريعة والداخلية، لا سيما أن الأخ أو الأخت- والأخت أكثر شي- لا تريد أن تفوت الرد على «مسج» هنا أو «إيميل» هناك، أو التعليق على أي من خدمات «الواتس أب» أو «بي بي»، وإن كان ذلك على حساب مستخدمي الطرق، علما أن بعض الأصدقاء أخبروني بعد نجاتهم من حوادث مرورية قاتلة أنهم كانوا منشغلين في متابعة الهاتف النقال، مما يؤكد أننا- معشر العرب- غالبا ما نستثمر التكنولوجيا وكل ما هو مفيد بشكل سيئ، وإلا بماذا نفسر الإفراط في استخدام خدمات حديثة في كل وقت؟ فمن غير المعقول أن تسيطر أجهزة النقال المتطورة على كل أمورنا الحياتية، خصوصا أن البعض أدمن استخدام الهاتف النقال وبات لا يفارقه أينما ذهب!

أما الأخطر في هذا الموضوع فهو كثرة استخدام الأطفال للهاتف النقال، خصوصا أن الدراسات العلمية أثبتت أن قيام الأطفال باستخدام الهاتف الجوال لدقائق قليلة يؤدي إلى خفض وظائف العقل لديهم لمدة ساعة تقريبا، إذ كشفت اختبارات بهذا الشأن أن نشاط العقل لدى الأطفال يكون أقل من الطبيعي في قطاعات كبيرة من المخ خلال 50 دقيقة من انتهاء المكالمة الهاتفية، كما حذر أحد اختصاصيي الجهاز العصبي بجامعة أوكسفورد، من أن الأطفال هم الأكثر عرضة لمخاطر استخدام الهاتف النقال نظرًا لعدم تطور جهازهم العصبي.

باختصار شديد، مع هذا التطور المتسارع والمخيف، حياتنا أصبحت «أصابع في أصابع»... سواء كان ذلك في الشوارع أو المستشفيات أو العمل أو الدواوين، الكل مشغول وعيناه شاخصتان على الهاتف النقال، ماذا يفعل؟، وعمَّ يبحث؟ لا تعلم، المهم أنه «مهموم» ومشغول وسط زحمة تكنولوجية لا نهاية لها!

back to top