انتسب إلى المسرح الشعبي وخدم الحركة المسرحيّة عبد العزيز المسعود... أضاء شموعاً كثيرة قبل رحيله

نشر في 09-09-2010 | 00:00
آخر تحديث 09-09-2010 | 00:00
تكبّد الفنان الراحل عبد العزيزالمسعود مع زملائه في «فرقة المسرح الشعبي» المتاعب وسهر الليالي وقدم التضحيات في سبيل المسرح والفن والفنان.. بكفاحه المستمر حقق للفن مكاسب كبيرة فأحبّه الناس ونالت بفضله الحركة المسرحية الاهتمام والتقدير المادي والمعنوي من الدولة.

وُلد المسعود في الأيام الأخيرة من شعبان عام 1356 للهجرة الموافق 1936م، والده فهد المسعود، كان أحد تجار الكويت المشهورين. امتاز المسعود بذكاء واضح منذ نعومة أظفاره وحصل على رعاية وتربية خاصين. كان طفلاً ممتلئ البنية، حاد النظرات، عصبي المزاج نوعاً ما، شديد الطموح معتزاً وواثقاً بنفسه.

في السادسة من عمره أرسله والده إلى الملا مرشد ليتعلم على يديه القراءة والكتابة وأصول الدين الحنيف والقرآن الكريم وفصول الحساب، بعد ذلك، درس في مدرسة المرقاب وانخرط في فريق التمثيل فيها، في تلك الفترة برزت لديه مواهب أخرى من بينها: ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة خصوصاً كرة القدم.

في الخامسة عشرة من عمره دخل إلى المعهد الديني لدراسة العلوم الشرعية واللغة العربية، إلا أنه لم يكمل دراسته لحدّة طباعه ومشاكساته. في ما بعد سافر إلى لبنان للدراسة والتحق بالكلية الإسلامية في بيروت. خلال إحدى سفراته من بيروت إلى الشام التقى رفيقة دربه وفتاة أحلامه فتزوج من ابنة الشام وعاد إلى بلده الكويت من دون أن يكمل دراسته وأسس أسرة تتكون من أربعة أولاد وبنت.

في بداياته العملية شغل منصب أمين صندوق في إدارة الجنسية والجوازات في وزارة الداخلية، وكانت سمعته طيبة بين زملائه ورؤسائه.

مع «المسرح الشعبي»

في ستينيات القرن الماضي، فتح «المسرح الشعبي» باب الانتساب إليه فعرض الكاتب عبد الرحمن الضويحي على المسعود التقدم بطلب انتساب، فتحمس للفكرة وحقق هذه الخطوة في 21 ديسمبر 1963، وقد اعتُبر انتسابه إلى «المسرح الشعبي» الخطوة العملية الأولى للاحتراف الفني، وكان أحد المؤسسين فيه.

في 30 يناير 1964، وقف المسعود على خشبة المسرح الاحترافي للمرة الأولى وشارك في تقديم «سكانه مرته»، أول نص مسرحي مكتوب، تأليف حسين الصالح الحداد، إخراج عبد الرحمن الضويحي، مع: أحمد الصالح، مريم الصالح، مريم الغضبان، طيبة الفرج، عبد العزيز النمش، إبراهيم الصلال، حسين غلوم، فيحان العربيد.

كرّس المسعود حياته وجهده ووقته وصمته لأداء رسالته الرائدة في المسرح وتبوأ مراكز مسرحية مهمة، إذ ترأس عام 1977 وفد «المسرح الشعبي» إلى تونس، وتوجه في العام نفسه إلى لندن لإجراء مباحثات خاصة بتقديم مسرحية «رأس المملوك» إلا أن الأجل وافاه هناك.

شارك في معظم المسرحيات التي قدّمتها «فرقة المسرح الشعبي» من بينها:

- «كازينو أم عنبر»، عُرضت عام 1966، مع عبد العزيز النمش، ابراهيم الصلال.

- «ضاع الديك» (1972)، تأليف عبدالعزيز السريع وإخراج صقر الرشود، شارك فيها: محمد المنصور، حياة الفهد، هيفاء عادل، وهي من الأعمال المهمة في حياة المسعود المسرحية.

- «ورطة خريج» (1976)، آخر عمل مسرحي قدمه المسعود، شارك فيه: أحمد الصالح، جاسم النبهان، حسين غلوم ومجموعة من نجوم الفرقة.

كذلك، شارك المسعود في مسرحيات أخرى من بينها:

«غلط ياناس» (1964)، «الجنون فنون» (1965)، «أصبر وتشوف» (1965)، «يمهل ولا يهمل» (1966)، «الصدق يبقى» (1969) بالاشتراك مع فرقة «مسرح الخليج العربي»، «لا طبنا ولا غدا الشر» (1968)، «رزنامة» (1970)، «كاوبوي في الدبدبة» (1971)، «عائلة أبو صعرورة» (1972)، «ثورة عيدة» (1973) وهي المسرحية الأخيرة التي مثلها المسعود مع «فرقة المسرح العربي»، و{ابراهيم الثالث» (1973).

مشاركات أخرى

- شارك المسعود في مسرحيتي «الطاحونة» و{ابن الراعي» (1950-1951)، إخراج حمد الرجيب.

- في أثناء دراسته في مدرسة الخليل بن أحمد المسائية في كيفان، أسس المسعود فرقة مسرحية مع زملائه سليمان الفهد، سيف عباس، عبد العزيز النمش، أحمد الصالح.

- شارك في بطولة «بس يا بحر»، أول فيلم سينمائي كويتي مع حشد من النجوم، تأليف عبد الرحمن الصالح، إخراج خالد الصديق.

- خاض مجال العمل الإذاعي وشارك في مسلسلات إذاعية مميزة من بينها: «حنان»، يتناول المشاكل الأسرية وأدى فيه دور الأب، «مقرود» مع الفنان محمد المنصور ومجموعة من الممثلين، و{بوصخر والزمن طويل» (آخر أعماله).

- كذلك، شارك المسعود في مسلسلات تلفزيونية ناجحة، من أبرزها: «أبغض الحلال» مع عبد الرحمن الضويحي، «الأمل الكبير» مع أسمهان توفيق ومحمد المنصور، «الأيدي الخشنة» مع مريم الصالح وجعفر المؤمن، «إجازة» مع سعاد عبدالله، «الإنسان» مع سعاد عبد الله، «الثمرة المرّة» مع عائشة ابراهيم وأحمد مساعد، «الصراع» مع سعاد عبد الله ومريم الصالح، و{إجازة أم» آخر أعماله التلفزيونية مع عائشة ابراهيم واستقلال أحمد.

-شارك المسعود في سباعية تلفزيونية واحدة بعنوان «الوريث» مع خالد العبيد واستقلال أحمد.

 

- تألق في مسلسل تاريخي ديني تلفزيوني بعنوان «أسباب النزول» مع مجموعة من النجوم.

وفاته

فجأة ومن دون مقدمات داهمت نوبة قلبية عبد العزيز المسعود، في عام 1973، فنُقل إلى المستشفى للعلاج وتمنى عليه الأطباء الخلود إلى الراحة وعدم إرهاق نفسه، إلا أنه اعتبر ذلك استسلاماً ولم يمتثل لنصائحهم، فتعرّض عام 1974 لنوبة أخرى إثر حوار ونقاش حاد مع زملائه في المسرح، ففرض عليه الأطباء ثانيةً أن يرتاح من أي عمل أو إجهاد يؤثر على صحته ويرهقه.

وفي عام 1977 وخلال وجوده في لندن للتباحث حول عرض مسرحية «مغامرة رأس المملوك»، عاودته النوبة القلبية مجدداً وكانت قوية، لم يمهله القدر ولم يستطع المقاومة فأُسدلت الستارة على حياة فنان ذي عطاء كبير مميز... هكذا، ودّع المسعود الدنيا بعدما شارك في إضاءة شموع كثيرة لتنير الطريق أمام الآخرين ليستمروا في الحياة.

قالوا عنه...

• صقر الرشود: إنه الممثل الأبرع في إجادة ردود الفعل على خشبة المسرح، لم يأخذ الفنان الكبير والممثل الرائع عبد العزيز المسعود أدواراً بالحجم والنوعية اللتين تتصف بهما إمكاناته وملكاته التمثيلية سواء الذاتية أو الجسمانية الحركية.

• أحمد الصالح: للفنان المسعود صفة متميزة في أدائه الكوميدي، وهي قدرته الفائقة على جذب انتباه الجمهور إليه شخصياً وإلى مجمل العمل الفني، امتاز بعفوية مرحة وأسلوب فريد وخفة ظل لا تضاهى، كان يملك صفات الممثل الكوميدي كافة.

• عبد الرحمن الضويحي: كان ذا شخصية متميزة، شديد الانفعال، عصبي المزاج، مع ذلك كان حبيباً للجميع، محبوباً من مستمعي ومشاهدي أعماله التي قدمها في الإذاعة والتلفزيون.

• حمد الرجيب: كان رحمه الله يملك قدرة ممتازة على جذب مشاهديه ومستمعيه لأنه طبيعي يتفاعل مع دوره ويتميز عن غيره بحلاوة إلقاء العبارة.

• منصور المنصور: فقده المسرح الكويتي وبكاه ورثاه، نحن جملة الفنانين في الكويت فقدنا دعامة أصيلة وبكينا فناناً مخلصاً وفقدنا زميلاً صادقاً. عزاؤنا أننا من أرض ما جدبت وما قحلت وما شحت بعطاء حين شحّ كل المعطين وتوقفت كل قطرات النماء.

• سالم الفهد: المسعود لم يقلّد أحداً، كان يتحدد ضمن الدائرة الفنية الواسعة، لذا يعتبر، بحدّ ذاته، مدرسة متفردة وسنجد مستقبلاً بصماته على أعمال فنية كثيرة، وذلك ضمن تحرّكات الممثلين على خشبة المسرح وفي السينما والتلفزيون.

• محمد السريع: عبد العزيز فنان أصيل، ثابت الأقدام، متمكّن من نفسه واثق بها، كان رحمه الله أخاً وزميلاً وصديقاً، يحب أن يتعاون مع الجميع لتقديم العمل، الذي بين يديه، متكاملاً غير منقوص. أحب المسرح حباً كبيراً، لذلك كان يعطيه كل ما يستطيع.

• مريم الصالح: كان رحمه الله طاقة جبارة، له موهبة فطرية في مجال الكوميديا خصوصاً، تميز بخفة الظل إلى درجة أثر على العاملين معه وليس على الجمهور فحسب.

• إبراهيم الصلال: كان رحمه الله عظيماً بأدائه وحركاته، ما جعل الكوميديا الحركية لديه أكثر سهولة من كوميديا النكتة، وبرحيله افتقد المسرح أحد أذرعته.

back to top