سليمان الفهد يكشف سري

نشر في 24-01-2011
آخر تحديث 24-01-2011 | 00:00
 سعود راشد العنزي وصلتني رسائل عدة من أصدقاء يستفسرون عن ابني «راشد» الذي كشف عنه العبد لله سليمان الفهد، «أبونواف»، في مقالته «ليبرالية العروبي» التي نشرها يوم سفري (19 يناير) ونعتني فيها بأوصاف كـ«الليبرالي المتشح ببشت المحافظة وعباءتها الخاضعة لسطوة عاداتنا وتقاليدنا البالية»، وقال إنني «ومن هنا أصدر صاحبنا فرماناً همايونياً» بمحو «لولو» ووأد لقبه الذي ينتسب إليها، وإشهار «بو راشد» لقبه الذكوري اللائق به، كإنسان تسكنه القبيلة، وإن اعتمر قبعة «الليبرالية» وبرنيطة الاستنارة! بل ادعى «بونواف» أنني أحاول اللعب على حبلي الاسمين، كبهلوان في السيرك! فتارة لا بأس عليه من أن يكون «أبو لولو» وتارة أخرى يتشبث بلقب «بو راشد» لكونه يروق للقبيلة، ويرضخ لمعايير المجتمع الذكوري! إلى أن يقرر أنني تركت طريق الاستنارة عائداً إلى التخلف دافعاً بابنتي لولو إلى الحرملك بعد ميلاد «راشد».

لقد كشف «أبونواف»، هداه الله، سر «راشد» بعد أن أخفيت حقيقته عن الناس منذ وجد، فجعل الأصدقاء يثورون مستعملين في ثورتهم كل وسائل الاتصال الحديثة والتقليدية، إما للتأكد من الخبر وإما «للتشره» عن سبب «خش» الخبر عنهم، وإما للسؤال عن السر وراء «هجوم» العبد لله على العبد الفقير.

وهنا أجد نفسي مضطراً لتفسير بعض الأمور ومرغماً عليها، لاسيما أنني مع ابنتي الصغيرة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة حيث البرد «اللي ينخر العظم»، معتذراً إلى القراء الذين لا يجدون في المقالة ما يستحق القراءة.

في حقيقة الأمر «راشد» وجد قبل ميلاد «لولو» ابنتي بزمن بعيد، نافسه أيام دواوين الاثنين «محمد» الذي دبسني فيه المرحوم الشهيد مبارك النوت الذي قرر أن كنيتي «أبومحمد»، مبرراً ذلك بأن التخفي وراء اسم مستعار أمر مطلوب في زمن العنف والتعسف الحكومي، إلى أن ولدت لولوة، فقرر الأصدقاء المقربون التحول إلى التسمية الجديدة «بولولو» مما غمرني بالسعادة.

استمرت الكنية حتى أن الحارس الكردي للمعتقل في معسكر أبوصخير (غرب البصرة) كان يبادرني كل صباح: «أبولولو صحة أحوال؟» وهي جملة قرر التمسك بها حتى اللحظة زميلاي (كمبل) الأسر غانم النجار وخلدون الصانع.

ولايزال كل أصدقائي (بمن فيهم «بونواف») ينعتونني بهذه الكنية إلى ساعة كتابة هذه المقالة، بينما استخدم البعض اسم ابنتي الصغيرة «سارة» ربما لأنهم لم يعرفوا سواها كصديقة لبناتهم.

أما صاحبنا «راشد» فقد عاد إلى السطح مرة أخرى في المواقع الرسمية التي أعمل بها (الكلية، «الجريدة»، وجمعية الخريجين)، وانتشر بين زملاء العمل ووجد فيه بعض الأصدقاء تسمية أكثر رسمية من «أبو لولو» أو «بولولو» إلا «بونواف» الذي اعتبره نكوصاً عن الليبرالية التي افترض أنني من رعاتها، وكأن استخدام التسمية الرسمية دليل على النفاق الاجتماعي، لأن الليبراليين في الكويت يمارسونها لـ»الكشخة» الاجتماعية من دون إيمان حقيقي بها، أو هذا ما فهمته من مقالته.

لذلك أصبح لزاماً علي أن أطمئن الرفيق «أبونواف» أني أستخدم ترجمة أدق لكلمة ليبرالي التي يترجمها الناس كل حسب هواه، أما أنا فما يعنيني من الليبرالية هو ترجمتها إلى «مجدد»، أي نقيض «المحافظ»، فقط لأني أعلم أن الليبرالي في الاقتصاد قد يكون في الوقت نفسه محافظاً اجتماعياً وسياسياً والعكس أيضاً صحيح (من يرغب في مزيد من التفاصيل فعليه مراجعة تصنيف الحزبين الأميركيين حول مفهوم الليبرالية).

أعود إلى صديقي «أبونواف» لطمأنته أني لم أتزحزح قيد أنملة عن قناعاتي ومواقفي المبدئية، ولم أكن يوماً مجاملاً لأحد (شخص أو مؤسسة بما في ذلك القبيلة) مهما كانت سلطته الاجتماعية على حساب تلك المبادئ، لذا فإنني أتفق معه على وجود النفاق الاجتماعي، لكني أجده ابتعد عن جادة الصواب التي يعرفها جيداً عندما استخدمني دليلاً على ما أراد، ولوى أعناق الكلمات والمصطلحات، ونعتني بكل النعوت السيئة لإثبات اكتشافه العظيم: أنني غيرت كنيتي من «بولولو» إلى «بوراشد» بعد ميلاد الأخير!

اكتشاف «أبونواف» فضح «تقلبي» السياسي وربما الاجتماعي كما يظن، إلا أن حقيقة بسيطة ضاعت عن صاحبنا أو ربما لم يسع إلى معرفتها قبل الانتهاء من محاكمتي الغيابية وإصدار أحكامه القاسية: الحقيقة أن «راشد» هذا ليس سوى اسم المرحوم والدي الذي يكنيني به كل الذين لا يعرفون عن أفراد أسرتي أي شيء تخلصاً من حرج السؤال عن اسم الابن أو ربما البنت، فلم يولد لي راشد، واكتفيت وزوجتي بأحلى بنتين أسعدتانا ولاتزالان.

وبعد هذا التوضيح يظهر جلياً أن صاحبي «أبونواف» بنى تحليله على معلومة خاطئة، وما بُني على خطأ فهو خطأ.

فهل لاأزال أسبح في بحر الاستنارة كما عهدني في سالف الزمان أخونا «أبونواف» أم نكصت إلى بركة القبيلة كما يفعل كثيرون حتى بعض المنتسبين إلى أسر معروفة بحثاً عن جذور تاريخية لعلها تعفهم في زمن تحولت فيه الدولة إلى قبائل وأفخاذ وطوائف؟! الإجابة متروكة لكل من يعرفني ليقرر بناءً على سلوكي ومواقفي لا على معلومة خاطئة يبني عليها تحليلاً لمرحلة كاملة!

* ملاحظة: لمن ذهب بعيداً في تفسير مقالة «أبونواف» على أنها هجوم عنيف عليّ أقول: «بونواف يمون» وهو أخ وصديق عزيز جداً، ولو كتب المقالة إنسانٌ غيره لأخذتها على أنها إساءة.

التوقيع: «أبولولو وسارة»

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top