حصل في ايران!

نشر في 07-03-2011
آخر تحديث 07-03-2011 | 00:00
 محمد صادق الحسيني * مرة أخرى يخطئ الغرب ومن ورائه بعض اليسار «الديني» التائه أو المضلل أو بعضه الآخر المرتبط بشأن إيران عندما يفكر أن بإمكانه أن يحول الأنظار عما يجري من حراك ثوري شعبي في الأقطار العربية المختلفة نحو إيران!

وقديماً قيل «من جرب المجرَّب كان عقله مخرَّب»... فقد «طنطنوا» كثيراً وجمعوا جمعهم وشدوا هممهم ووجهوا النداءات من خلال عشرات المواقع الإلكترونية والإذاعات الناطقة بالفارسية والعبرية، وبعض الناطقة بالعربية أيضا وللأسف الشديد, من أجل أن تقوم القيامة في إيران! ولكن مرة أخرى خذلهم الشارع الإيراني ولم ينزل إلى حيث أرادوا, فثبت من جديد أنهم لا يتقنون قراءة مجتمعاتنا, وكما قال الإمام الخميني رحمه الله: الحمد لله الذي جعل أعداءنا حمقى!

لم أكن أريد الكتابة عن الداخل الإيراني الآن لأن الوضع العربي الثوري مشتعل بما يوحي بقرب قيامة القيامة هناك، حيث المنازلة المرتقبة التي بات يرتعد منها العدو حتى قبل وصول صواريخ «حزب الله» إليه, إذ كانت «طوابير» من العصافير المهاجرة وحدها كافية لتهز كيانه وتنزل جمهوره إلى الملاجئ مرعوبين, فكيف إذا جد الجد وحانت ساعة المواجهة؟! ومع ذلك سأكتب لأقول إن أحمدي نجاد هذا الذي ترغبون في هزه ربح المعركة السياسية والدعائية والنفسية بالأساس قبل أن تبدؤوها ضده، وأتحدى أن يثبت أحد خلاف ذلك!

فقبل سنوات عديدة تعود إلى معركته الرئاسية الأولى، أي قبل نحو ست سنوات نزل الرجل إلى الميدان وحسه الداخلي يحدثه عن ثمة «شيطنة» ما تحضر له ولبلاده، فكان شعار حملته الانتخابية: لقد جاءكم رجل من جنس الناس!

ويومها زاحمه أو نافسه على كرسي الرئاسة أربعة محافظين وإصلاحيين اثنين، وكسب المعركة باكتساح, لا لشيء إلا لأنه كان يعرف أنه عندما ينزل إلى الشارع والميدان مع جمهور الجيلين الثالث والرابع من الثورة المطالبين بإسقاط الامتيازات عن كبار القوم من الرعيل الأول ممن تكلست أجسادهم أو ترهلت أفكارهم واستكانت أنفسهم إلى الحياة السلطوية والدنيوية فإذا به يربح معركة يوم «الغضب» الشارعية ضد كل ما هو طويل العمر في مدار التمتع في امتيازات السلطة، وثقيل الإطالة على كرسي الحكم وبامتياز، وهكذا كانت دورة الغضب الأولى, ولم يتعلم الكبار الدرس!

طبعاً كان ذلك بعد انتصاره الأهم في خوض جدال الحرب والسلام مع العدو الصهيوني على أبواب فلسطين المحتلة عندما تحداهم في بنت جبيل؛ معلناً من هناك أن الجبهة المقاومة ودولة لبنان العظمى باتت ممتدة من سواحل البحر الأبيض المتوسط إلى بحر قزوين وبحر مرمرة , في أثناء زيارته التاريخية إلى لبنان!

أعرف أن البعض سيشتعل غضباً وحنقاً وهو يقرؤني الآن ظناً منه أنني أكتب هذا دفاعاً عن شخص أحمدي نجاد أو إرضاء لهذا أو ذاك، أو أنه قد يفكر أنني من السذاجة بمكان بحيث إنني صدقت أو أروج لمقولة أن إيران «جنة» العاشقين!

مخطئ هو الآخر و«أحمق من حبنقة»... كما يقول المثل العربي القديم من يفكر بهذا أو مجرد أن يخطر بباله مثل هذا الاعتقاد، ولا أجد فائضاً من الوقت للرد على مثل هذه الترهات!

فالأمر أبعد من ذلك بكثير، وربان السفينة يفكر في ما وراء البحار الدافئة المليئة باللؤلؤ جنوباً، إلى المتوسطة في ميادين جولانها، إلى الحمراء من كثافة مرجانها, وبالتالي فإن حكومة نجاد المتنازع عليها ليست سوى مسافر في قطار يقترب نزوله في محطتها الأخيرة, فيما القطار يسرع الخطى نحو حيفا ويافا والجليل وما بعد الجليل, والربان لا يكل ولا يمل, لاسيما بعد اشتعال الثورة العربية الكبرى من المحيط إلى المحيط!

إنها اللحظة التاريخية الأكثر جمالية في إبداع الشعوب وعبقرية الأمم, وطهران وربانها يعرفان تماماً أولويات المعركة في كل مرحلة، ولذلك كانوا قد بكروا في «كتابة فروضهم» قبل حلول موسم الطوفان حتى يتسنى لهم قطاف ثمار السنوات السمان القادمة بعد انتهاء السنوات العجاف, ولولا ذلك لما عبروا القناة ومصر الجديدة ترتل الترحيب بهم: ادخلوها بسلام آمنين!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي- الإيراني

back to top