كيمياء الشعوب واقدار الانظمة!

نشر في 28-02-2011
آخر تحديث 28-02-2011 | 00:00
 محمد صادق الحسيني * رحم الله الشيخ المرحوم عبدالحميد كشك عندما خاطب شاه إيران المخلوع وهو راقد في أحد مستشفيات قاهرة المعز وشاه مصر الذي استقبله يومها رغم إرادة شعب الكنانة ظناً منه أنه سيحفظه من مطاردة الثوار وإرادة الشعب, بالقول:

«لقد جاء قدرك وحان أجل رحيلك ولن يمنع ذلك كل استخباراتك ولا استخبارات صديقك ولو أضيف إليها كل مخابرات العالم لحمايتك فعزرائيل سيخترق كل الحواجز وينزع روحك»... وقد فعل!

هذه هي حال كل حكام الاستبداد والفساد والإفساد والتبعية والخراب في كل بلاد العرب والمسلمين اليوم، ولن يحميهم جبروت مخابراتهم ولا قواتهم الأمنية أو العسكرية ولا كل جيوش الأرض لو اجتمعت من أجل حمايتهم من غضب شعبهم, لأن مقتضيات السنن الكونية تقضي بذلك ولا راد لقضاء الله عندما يحين وقت الخلاص!

وهذا القضاء والقدر المحتوم لا ولن يستثني أحدا مهما كانت لغته أو خطابه أو عرقه أو شعاراته أو الوعود التي قد يكذب فيها على شعبه لفترة حتى لو كان باسم الدين!

أقول هذا لأن ثمة من قد يكون الأمر اختلط عليه في لحظة اضطراب أحوال الأمة في ظل ثورات الغضب المتسعة والمتلاحقة لشعوب المنطقة ضد رموز الاستبداد والفساد والتبعية والخراب في بلادنا, وقد يكون قد أضاع اتجاه البوصلة أو يكاد!

إذ كيف يمكن أن تثور شعوب متنوعة في بيئتها وفي نمط حكامها التي منها ما هو جمهوري، ومنها ما هو ملكي، ومنها ما هو برجوازي ليبرالي، ومنها ما هو اشتراكي من جهة، ثم من جهة أخرى كلما تقدمت هذه الشعوب في تحقيق مكاسب على طريق الثورة «انضمت» أصوات استعمارية غربية لهذا الرفض الجماهيري، وهي التي قد كانت حتى الأمس القريب الراعية لهذه الأنظمة الصديقة أو الحليفة لها أو حتى هي من نصبها على رؤوس الناس؟!

من ناحية ثانية ثمة من بدأت تراوده الرغبة الجامحة في الكيان الصهيوني في تعميم ظاهرة الغضب هذه لتشمل الأنظمة الشعبية المقاومة، وبالتحديد سورية وإيران, فهذا أوري شاريت يكتب في صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية معاتبا أميركا لتعللها في ما سماه: «فتح ثورة الفيس بوك على النظام الإيراني قبل أن تذهب الثورات العربية بعيدا لتجعل من إيران قوة إقليمية عظمى»!

نعم ثمة كيمياء وكهرباء وجدانية هي التي جمعت كل تلك الكتل الجماهيرية الكبرى حول بعضها كانت أقوى وأبعد بكثير- على سبيل المثال لا الحصر في مصر- من «كلنا خالد سعيد» أو «كفاية» أو «6 أبريل» أو حتى «25 يناير»... مع احترامنا وتقديرنا لكل أولئك وغيرهم!

لقد كانت كرامة مصر وعزة مصر وحرية قرار مصر المخطوفة هي التي ديست؛ ما أثقل كاهل الشعب المصري بأكمله حتى قال فيه شاعرنا الأغر عبدالرحمن القرضاوي يوماً، وهو يتحدث عن حصار غزة الظالم، مشيراً بذلك إلى انحراف اتجاه بوصلة النظام وتعارضها مع اتجاه بوصلة الشعب في قصيدته الشهيرة «كلنا تحت الحصار»!

تلك هي المسألة إذن والزمن كفيل ليثبت لشاريت وخلاياه التائهة في بعض زوايا لبنان أو سورية أو إيران بأن سفن قوى المقاومة هي التي ستظل تمخر من الآن فصاعدا في بحار العرب والمسلمين، بينما سفن نظامه ونظام أسياده هي الغارقة ولو صرفوا المليارات طلباً للأمن والأمان بحثاً عن مركب آخر بات الوصول إليه مستحيلاً!

*الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

back to top