دوامة التغيير... اللي بعده !

نشر في 13-02-2011
آخر تحديث 13-02-2011 | 00:00
 خلف الحربي سقط نظام حسني مبارك مثلما سقط نظام زين العابدين بن علي، وأشرقت شمس الحرية في ديار العرب من الغرب، ولم تعد الديمقراطية اليوم حلماً بعيد المنال بالنسبة إلى المواطن العربي بعد أن خرجت مصر الدولة العربية الكبرى من ظلمات القمع إلى نور الحرية، فما من شك أن التأثير الذي يمكن أن تحدثه ثورة شباب مصر الأحرار في سائر ديار العرب هو أسرع وأكبر مما يتوقعه الجميع.

ويبدو أن العالم العربي اليوم يعيش مرحلة تاريخية استثنائية تشبه تلك المرحلة التي شهدت سقوط الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية حين تساقطت الأنظمة البوليسية الحديدية واحدا بعد الآخر مثل أحجار الدومينو، فما إن حققت ثورة شباب مصر انتصارها العظيم حتى لاحت في الأفق بوادر ثورات شعبية مشابهة، خصوصا في الجزائر واليمن، هذا بخلاف أن العديد من الدول العربية الأخرى صامتة صمت البراكين وقد تتدفق الحمم الشعبية في شوارعها في أي لحظة.

جميع الأنظمة العسكرية العربية اليوم أصبحت في مهب الريح، ولم يعد الجنرال العربي الذي يتحكم بعدد ذرات الأوكسجين التي يتنفسها شعبه يخشى انقلاب زملائه في سلاح المدرعات قدر خشيته من الشباب الذين يقضون جل وقتهم أمام شبكة الإنترنت، وكل الشواهد والمعطيات تقول إن الجمهورية العسكرية العربية فقدت صلاحيتها، ولن يكون بإمكانها تزوير الانتخابات وتصفية المعارضين كي يبقى الحاكم الفرد في سدة الحكم حتى مماته، فيأتي أولاده من بعده ليرثوا البلاد والعباد، ويتحول مجلس الوزراء إلى ناد لكبار الضباط.

وإذا كان زوال الجمهوريات العسكرية العربية قد تحول إلى مسألة وقت فإن ذلك لا يعني أن الأنظمة الملكية العربية ستكون بعيدة عن رياح التغيير ما لم تقم هذه الملكيات بإصلاحات سياسية ودستورية واسعة تضمن بقاء الحكم الوراثي في ظل حياة ديمقراطية يحصل خلالها الشعب على حقوقه المشروعة، ويستطيع من خلالها المشاركة في بناء وطنه.

وإذا كانت تونس قد استطاعت أن تحدث كل هذا التغيير في المزاج الشعبي العربي رغم صغر المساحة وبعد المسافة، فلكم أن تتخيلوا حجم التأثير الذي يمكن أن تصنعه مصر الدولة العربية المركزية الكبرى ذات التأثير البالغ في العالم العربي!

لقد أثبتت الثورة المصرية– وقبلها الثورة التونسية– أن نزول الجماهير إلى الشارع للمطالبة بحقوقها المشروعة لا تعني الفوضى وخراب الديار، كما أثبتت أن النظام الحديدي يتحول إلى نظام «كارتوني» بائس حين يجد نفسه وجها لوجه أمام إرادة الشعب، وأن أزلامه الذين عزلوه عن الشعب وأغرقوه في بحر الفساد هم أول من يتخلى عنه حين تجيء لحظة الحقيقة، واليوم لا يمكن تجاهل هواجس الشعوب العربية خارج مصر وتونس التي راقبت كل ما حدث، واكتشفت أنها خائفة من وهم كبير، ولن يكون غريبا أبدا لو شهدنا بعد أسابيع سقوط نظام عربي ثالث.

* كاتب سعودي

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top