ما قصة هذا العمل الذي يقع في أكثر من ألف صفحة؟

نشر في 11-08-2010 | 00:01
آخر تحديث 11-08-2010 | 00:01
No Image Caption
لا يملك المتصفح لهذه المجلدات الثلاثة إلا أن يسجل كل تقدير وإعجاب بالجهد الذي بذله الناشر عبدالله عقيل، والمؤلفان إلياس وفكتور سحاب لإنجاز هذا العمل الراقي والدقيق.

ويتضمن بحثاً ودراسة وتحليلاً لمسيرة سيدة الطرب العربي أم كلثوم، وهو يقع في ثلاثة أجزاء، يتناول الجزء الأول السيرة الشخصية والفنية لأم كلثوم، وقد كتبه إلياس سحاب، ونرى فيه كيف نهج المؤلف منهج التحليل أكثر من قيامه بعرض الوقائع وسردها، ويكمل البحث الدكتور فيكتور سحاب، فيعرض في جزأين جميع أغاني أم كلثوم مصنفة حسب المؤلف والملحن والمقام والسنة، ويعرضها من حيث الشعر والشكل والملاحظات، ومن حيث طبيعة اللحن ومقاماته وإيقاعاته. وفي مقدمته المنشورة أدناه يبين عبدالله عقيل كيفية تطور فكرة هذا العمل التي جاءت نتيجة اهتمام بفن أم كلثوم وقناعة بضرورة توثيقه. ويقع العمل بمجلداته الثلاثة في أكثر من ألف صفحة تقريباً من الحجم الكبير، وسوف ننشر تباعاً المجلد الأول "السيرة الشخصية والفنية" كاملا وبدون أي تصرف، كما كتبه السياسي سحاب، بينما تم اختيار بعض الأغاني من الكتابين الآخرين بما تسمح به المساحة وبدون تسلسل زمني، كما جاءت في الجزأين الثاني والثالث.

وهنا نلفت نظر القارئ إلى حقيقة مهمة وهي الأسلوب الذي صاغ به إلياس سحاب الجزء الأول (السيرة الشخصية والفنية)، وهو كما قلنا أسلوب تحليلي لا سرد لمذكرات أو لسيرة ذاتية، فهو يعرض حياتها ومحطات التحول فيها، كما يعرض علاقاتها بملحنيها وشعرائها، وأثر تلك العلاقات في تطور أدائها الفني.

وفي الختام نسجل كل الشكر والتقدير للأخ الناشر عبدالله عقيل على جهوده من جهة، وعلى منحنا حق نشر الكتاب في "الجريدة" من جهة أخرى، وسيكون لنا لقاء موسع معه ننشره بعد الحلقة الأخيرة، نستعرض وإياه بعض المواقف والقصص والحكايات التي رافقت إعداد هذا العمل الرائع.

المحرر

مقدمة الناشر

فكرة إنتاج هذا الكتاب بدأت تراودني منذ أكثر من عشر سنوات، كنت في ذلك الوقت مهتماً بجمع واقتناء أي كتاب يتناول أياً من أمور الموسيقى العربية: تاريخ نشأتها وتطورها، أصولها ومقاماتها وقواعدها النظرية، وسيرة روادها القدامى والمعاصرين، والتدوين الموسيقي للأغاني ونصوصها... الخ، وكانت المفاجأة المرة... أن نسبة كبيرة من الكتب المتوفرة في مكتباتنا هي دون المستوى المطلوب، سواء بالنسبة الى جدية التناول أو جودة الإخراج، بما لا يليق مطلقاً بمستوى تراث الموسيقى العربية الراقي.

لست موسيقياً محترفاً أو كاتباً، لكن لدي شغف بالموسيقى بكل أشكالها وأوطانها، أذكر أني عندما كنت صبياً درست آلة الكمان على الأسس الغربية، وكانت الكتب التي استخدمتها في ممارسة التمارين أو عزف القطع الموسيقية في غاية الدقة والإتقان، كانت هذه الكتب مطبوعة في أوروبا والولايات المتحدة، وقد عكست جودة مضمونها وإخراجها مدى احترام هؤلاء القوم لتراثهم واهتمامهم العميق بالحفاظ عليه.

من هنا بدأت تراودني فكرة إنتاج ما يساهم في الحفاظ على التراث الموسيقي العربي وتقديمه بشكل أفضل يليق بتراثنا الراقي العريق، كانت الأفكار والمواضيع متعددة ومتشعبة، وكان يجب أن نبدأ من مكان ما، لقد جمعتني الأقدار قبل أربع سنوات بالشقيقين السيد رفيق نحاس والمهندس جورج نحاس من لبنان الشقيق، وهما مثلي من هواة الموسيقى، أما قدراتهما في شؤون الموسيقى العربية ومعرفتهما وأحاسيسهما الفنية فهي في مرتبة المحترفين الأصيلين في العالم العربي.

 بدأنا نحن الثلاثة مع صديق من الكويت هو السيد رائد الحمد، من المهتمين بأمور الموسيقى العربية، نبحث عن الموضوع المناسب الذي يجب أن نبدأ به، وكيفية إخراجه للنور، فكانت الفكرة التالية:

أولا: أن نقوم بإنتاج عملين في آن واحد، العمل الأول عن السيدة أم كلثوم يتضمن كتابين منفصلين، الكتاب الأول عن سيرتها الشخصية والفنية، والثاني عن أغانيها، على أن يتكرر الأمر نفسه بالنسبة للموسيقار محمد عبدالوهاب، مع مراعاة تغطية أغانيه وألحانه لسواه من المغنيين والمغنيات.

ثانيا: أن يكون الإنتاج على أعلى قدر ممكن من الدقة والإتقان في المضمون كما في التصميم والإخراج والطباعة.

وكان أن التقينا ونحن في غمرة البحث والنقاش بالشقيقين الاستاذ الياس سحاب والدكتور فكتور سحاب اللذين شاركا وساهما بفاعلية في تأكيد وبلورة الفكرة لما لهما من خبرة طويلة في شؤون الموسيقى العربية، ولانشغالهما بالهموم نفسها.

 اكتملت الحلقة، فقررت السير في إنتاج الفكرة وتحويلها الى مشروع فعلي، وبادرت بتأسيس شركة مع الصديقين الشقيقين رفيق وجورج نحاس باسم "موسيقى الشرق" لمتابعة هذا المشروع والسير قدما في مشاريع أخرى متشابهة ومكملة بجري بحثها حاليا.

قد يتساءل القارئ عن اختيار البدء بأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، علما أن هناك فنانين آخرين معاصرين أصحاب شأن كبير في هذا القرن أمثال الشيخ سيد درويش ومحمد القصبجي والشيخ زكريا أحمد ورياض السنباطي وغيرهم... وقد يتساءل أيضا لم الاهتمام بالقرن العشرين دون القرن التاسع عشر او القرن التاسع مثلا، عصر إبراهيم وابنه اسحق الموصلي؟

الإجابة باختصار، إن مشروعا متكاملا، لإحياء التراث الموسيقي العربي بالأسلوب والمستوى الراقي المطلوب ليس بالشيء اليسير الذي يستكمل دفعة واحدة، ولكنه مشروع ضخم يتطلب الكثير من الجهد والتمويل والوقت.

لذلك فقد ارتأينا أن يكون هذا العمل مجرد خطوة في هذا الاتجاه، والباكورة الأولى في هذا الصدد ونحن في "موسيقى الشرق" ندرس الآن مشاريع مماثلة سننتجها في المستقبل إن شاء الله للمساهمة في دراسة تراثنا الموسيقي وحفظه في الصورة والإخراج اللائقين به.

نتمنى أن نكون قد وفقنا في تحقيق البداية السليمة للوصول الى هدفنا، راجين القراء الأعزاء المساهمة في تحسين عملنا هذا وتطويره عن طريق موافاتنا بالملاحظات والاقتراحات التي نتقبلها بكل تقدير ومسؤولية. كما نتمنى ان نكون قد ساهمنا بعملنا هذا في زرع الحماس لدى المؤسسات والمعاهد الموسيقية والفنية والحكومات وحتى الأفراد في التضامن والعمل على انتاج مشاريع مماثلة بمستوى رفيع يليق بتراثنا الموسيقي العربي الراقي.

عبد الله عقيل

تمهيد تاريخي

لا شك بأن وضع كتاب عن سيرة أم كلثوم بعد ربع قرن على رحيلها، مهمة صعبة من ناحية من نواحيها، وسهلة من ناحية أخرى.

فالمهمة صعبة لأن الكتابة عن فنانة في وزن أم كلثوم تكون في غاية السهولة عندما تتم الكتابة عنها في أيام عزها، هي التي تربعت على عرش الغناء العربي النسائي نصف قرن كامل من الزمن (من العام 1923، عند استقرارها في القاهرة، الى العام 1973، عندما قدمت آخر حفلاتها الشهرية) لم تنازعها تاجه مطربة أخرى، حتى عندما ظهرت ولمعت أسمهان، الوحيدة التي احتلت مقعد المنافسة الجادة لأم كلثوم.

في هذا العصر الكلثومي، ما بين بداية الربع الثاني ونهاية الربع الثالث من القرن العشرين، كان يكفي لصاحب أي قلم أن يضع أسم كلثوم في عنوان مقال أو كتاب، حتى يضمن الرواج لما يكتب، بغض النظر عن قيمته الحقيقية.

من هذه الزاوية، فان عصر الرواج المجاني لأي كتابة عن أم كلثوم قد ولى الى غير رجعة. وهذا يصعب المهمة.

غير أن هذه الصعوبة الكبيرة، توازيها، من زاوية أخرى سهولة كبيرة أيضا، ذلك أن مرور ربع قرن على رحيل أم كلثوم، كان زمنا كافيا لانقشاع كل غيوم الشهرة الطاغية، والقبول الجماهيري العفوي التلقائي لأي عمل  كلثومي، ولأي مديح يكتب أو يقال في أم كلثوم، فأصبح الكاتب وجها لوجه أمام الرصيد الفني الحقيقي لأم كلثوم، مجردا عن أي  قيمة اضافية ظلت تحيط به طيلة حياتها.وهذا يسهّل المهمة.

الآن، وبعد مرور ربع قرن على رحيل أم كلثوم، وعقد كامل على رحيل محمد عبد الوهاب، فالمشهد العام للنهضة الموسيقية والغنائية العربية ( في القرن العشرين) يبدو شديد الوضوح، في خط سيره العام، وفي تتابع حلقاته التفصيلية. لذلك أصبح بالامكان الآن القول بثقة ودقة أكثر من أي وقت مضى، أن أم كلثوم (ومعها الثلاثي الموسيقي القصبجي – زكريا أحمد- السنباطي) ومحمد عبد الوهاب (بصفته المزدوجة كملحن ومطرب) يشكلان أعلى وأبرز قمتين في تاريخ الموسيقى والغناء العربيين في القرن العشرين، بعد المرحلة التأسيسية- الانتقالية التي دشنها وأطلقها سيد درويش، قبل رحيله المبكر، وبرغم القصر الشديد لعمر تجربته الفنية البالغة الثراء (1917-1923). بل أن بالامكان، استزادة في دقة التعبير، القول بأن أم كلثوم (وملحنيها الاساسيين) ومحمد عبد الوهاب، قد شكلا النهر الأساسي للموسيقى والغناء العربيين في القرن العشرين، الذين تفرعت منه كل الالوان الموسيقية والغنائية الأخرى. ويجدر هنا الايضاح بأنني انما أعني المجرى العام لما يمكن أن نسميه “الموسيقى العربية الكلاسيكية المعاصرة”، التي شكلت معالم الذائقة الموسيقية – الغنائية العامة للعرب المعاصرين في كل أقطارهم، بما لا يشمل – بالطبع – تلك الالوان العربية المحلية المحصورة في أقاليم المشرق وأقاليم المغرب، والتي لم تمارس حتى يومنا هذا أثرا هاما مشتركا في الوجدان العربي العام والذائقة العربية العامة للموسيقى والغناء، على ما لهذه الالوان، أو لبعضها على الاقل،  من قيمة عظيمة كتراث كلاسيكي، لا بد له في يوم من الايام من لعب دوره الحضاري العربي العام.

ان هذه الملاحظة العامة، هي التي تفسر لنا ببساطة شديدة، ذلك الأثر العربي العام والانتشار العربي العام الذي لازم مسيرة النهضة الموسيقية – الغنائية التي اندفعت تنمو وتتطور في مصر بين منتصف القرن التاسع عشر وسبعينيات القرن العشرين، في مسيرة متواصلة، لم تكن تجتذب فقط المستمع العربي من الخليج  الى المغرب، بل كانت تجتذب أيضا أصحاب المواهب من الفنانين العرب، سواء في ذلك المواهب الغنائية أو المواهب الموسيقية، وذلك من أيام أنطون الشوا (والد سامي وفاضل الشوا) وأحمد أبو خليل القباني السوريين المتمصرين، الى أيام أسمهان السورية ووردة الجزائرية وعلية التونسية وسعاد محمد اللبنانية.

والأهم من ذلك، أن ظاهرة النهضة الموسيقية- الغنائية التي نمت وترعرت في مصر على مدى قرن وربع (1850-1975)، وعمت أرجاء الوطن العربي، تكاد تكون تكرارا عصريا للنهضة الأولى التي امتدت في الزمن من صدر الاسلام (ظهور طويس في عهد الخليفة عثمان بن عثمان 644-656) الى نهاية العصر الذهبي في عهد ثامن الخلفاء العباسيين (المعتصم 833-842) أي بين منتصف القرن السابع ومنتصف القرن التاسع (يضاف الى ذلك امتدادها الاندلسي مع زرياب في الفترة الموازية للعهد الذهبي العباسي)، وامتدت جغرافيا من نقطة الانطلاق الاولى في الحجاز، الى نقطة الاستقرار والازدهار في دمشق وبغداد، الى نقطة الانتشار الأبعد في الاندلس.

ان تلمس ملامح تلك النهضة الأولى في كتاب المستشرق هنري جورج فارمر،  وهو يلخص لنا عصارة المراجع العربية الكلاسيكية في تاريخ الموسيقى العربية (حتى القرن الثالث عشر)، يدهشنا بمدى التماثل بين تلك النهضة الأولى، والنهضة الحديثة التي غطت القرنين التاسع عشر والعشرين، منها على سبيل المثال لا الحصر:

ظاهرة تواصل الأجيال بين الموسيقيين والمغنين، فلا يظهر الخلف ولا يترعرع وينمو الا في حضن السلف، يأخذ عنه أصول المهنة وقواعدها، ويشرب على يده من ينابيعها، حتى اذا ما ارتوى واستكمل عدته، انطلق يبدع ويجود ويكوّن ملامح موقعه الخاص، حلقة ذهبية أخرى في السلسلة الذهبية الطويلة.

وتنبؤنا كتب تاريخ الموسيقى والغناء العربيين أن أيا من مشاهير النهضة في ذينك القرنين (من منتصف السابع الى منتصف التاسع) لم يشذ عن هذه القاعدة، ولم يحدث أن لمع أحد  اللامعين من خارج هذا السياق الطبيعي، من طويس( تصغير طاووس) الى عزة الميلاء، الى سائب خائر،الى أبن سريج وجميلة ومعبد، الى أبن محرز، وصولا الى ابراهيم الموصلي وابن جامع واسحق الموصلي، حتى زرياب.

ونستشهد هنا بأسطر قليلة من كتاب فارمر، تعتبر نموذجية في التعبير المركّز عن ظاهرة تواصل الاجيال في عصر النهضة الاولى، تتحدث عن أحد الفنانين الذين لعبوا دور حلقة الوصل بين  قدماء العصر الذهبي ومحدثيه، وهو “أبو وهب عبد الله بن وهب” الملقب ب “سيّاط”، وقد توفي في العام 785، أي في أواخر القرن الثامن:

“ولد بمكة حوالي 739، ومع أن حياته الفنية كانت قصيرة الأمد، الا أنها كانت حافلة جليلة الشأن. وكان أسعده الحظ باستاذين من خيرة العارفين بقواعد الغناء القديم في عهد بني أمية، وهما يونس الكاتب، أول من ألف كتابا عن الأغاني، وبردان،  وهو من أوائل الموسيقارين. سمع عزة الميلاء وابن محرز وابن سريج وجميلة، وأصبح أحد متقدمي عصره في الضرب على العود وفي الغناء، كما اشتهر بتأليفه أصواتا تفصح عن نبوغ وفن جليل (..) وأعظم تلاميذه: ابراهيم الموصلي وابن جامع. سئل  ابراهيم  يوما (سأله أبنه اسحق الموصلي) عن غناء، لمن هو، فقال ابراهيم: لمن لو عاش، ما وجد أبوك شيئا يأكله، أنه لسيّاط”(1).

ان شخصية سيّاط، بملامحها العامة، وبملامح الدور الوسيط الذي قامت به كحلقة وصل بين الاقدمين والمحدثين في ذلك العصر الذهبي، هي الشخصية الموازية لأبي العلا محمد، وللدور الذي قام به كحلقة وصل بين جيل عبده الحامولي (القرن التاسع عشر) وجيل أم كلثوم (القرن العشرين).

حفلت كل عصور النهضة الموسيقية- الغنائية الأولى، على اختلافها، من صدر الاسلام (في الحجاز) الى العهد الأموي (في دمشق) الى العهد العباسي (في بغداد) الى عهد الدول العربية (في الاندلس) بظاهرة رعاة الفن والفنانين. ولم تقتصر هذه الظاهرة على بعض الحكام، بل تعدتهم الى هواة الفن من علية القوم، أصحاب المواقع الاجتماعية أو الاقتصادية الرفيعة.

فقد كان دور رعاة الفن هؤلاء لا يبرز فقط في تنظيم مجالس الفن الرفيع، واكتشاف المواهب الجديدة ورعايتها وفتح مجالات الشهرة واسعة أمامها، بل كان دورهم يتعدى ذلك الى حماية أهل الفن في العهود التي كانت تشتد فيها وطأة ونفوذ اتجاه تحريم الغناء والموسيقى. ونكتفي في هذا التمهيد بمقطعين من كتاب هنري جورج فارمر، يظهران الملامح المختلفة لدور رعاة الفن في عصور النهضة الأولى، عندما يتحدث عن دور عبد الله بن جعفر، الذي يطلق عليه فارمر لقب “نصير الفن الأول”، في رعاية سائب خائر وفي حماية عزة الميلاء:

يتحدث عن سائب خائر فيقول:

“واصطحبه ولي نعمته، عبد الله بن جعفر، الى دمشق عند وفوده على معاوية الأول (660-680)، ولما كان الخليفة متأثرا بالتحريم السائد للغناء، فقد اضطر عبد الله أن يقدم اليه المغني بصفته “شاعرا”، يروي من الشعر أحسنه. فعرض سائب في حفلة غنائية (مجلس) شيئا من غنائه الذي سماه سيده للخليفة “الشعر المحسّن”، فوصله الخليفة بجائزة”(2)

ثم يتحدث عن عزة الميلاء فيقول:

“ان شهرة عزة الميلاء وافتتان الناس بها جعل متزمتي المسلمين من أهل المدينة يضجون بالشكوى والاستنكار، حتى أنهم رفعوا الأمر في عهد معاوية الأول الى عامله في المدينة سعد بن العاص، فهمّ باجابة الشكوى لولا تدخل نصير الفن الأول عبد الله بن جعفر”(3).

ان هذين المقطعين النموذجيين، يستدعيان فورا الدور الذي قام به الشيخ مصطفى عبد الرازق في رعاية أم كلثوم ودفعها الى موقع متقدم فنيا واجتماعيا في قمة المجتمع السياسي والثقافي في القاهرة، والدور الموازي الذي قام به أمير الشعراء أحمد شوقي بالنسبة لمحمد عبد الوهاب في الحقبة نفسها.

ظاهرة التأثر بالحضارات الموسيقية المزدهرة لدى شعوب وأمم أخرى. وهي ظاهرة لازمت عصور النهضة العربية الاولى، تماما كما في نهضة القرنين التاسع عشر والعشرين، على عكس ما قد يتهيأ للبعض.

وكانت موسيقى وغناء الحجاز، في صدر السلام والعهد الأموي، تشكل الرصيد الاساسي للغناء العربي التقليدي. غير أن ذلك لم يمنع (حتى في الحجاز نفسها ثم في دمشق، ثم في بغداد)، ظهور اتجاهات تتأثر بتراث الموسيقى الفارسية، عزفا وغناء.

وكما توزعت المواقف في عصرنا الحديث بين تيار رافض للتأثر رفضا تاما، وآخر يتطرف في التأثر الى حد الارتماء الكامل في حضن الحضارات الموسيقية الأخرى، وثالث وسيط يقبل على التأثر بالحضارات الموسيقية الأخرى ولكنه يهضمه ويعيد انتاجه من داخل سياقات الحضارة الموسيقية العربية وأشكالها الأساسية ومفردات لغتها الموسيقية الخاصة.

ويتحدث كتاب فارمر عن تأثر سائب خائر، أحد مؤسسي العصر الذهبي (توفي سنة 683) بموسيقار فارسي أسمه نشيط، يقول فارمر أنه أصبح “قبلة أهل المدينة، بسبب شيوع لحونه الفارسية”(4) ثم يضيف أن عزة الميلاء،  تلميذة سائب خائر، قد تعلمت بعض الألحان الفارسية من نشيط وسائب خائر(5).

وقد ظلت ظاهرة الصراع بين القديم والحديث تواكب مختلف مراحل العصر الذهبي بين منتصف القرن السابع، ومنتصف التاسع، حتى ذروة ذلك العصر الذهبي في أيام العباسيين. ويكفي للدلاله على عمق هذه الظاهرة وتجذرها في عصر النهضة القديمة للموسيقى العربية، تماما كما في عصر النهضة المعاصرة، الاستشهاد بهذا المقطع البالغ المعاني والرموز:

“علمنا فيما سبق أن موسيقيي بلاط هارون الرشيد انقسموا الى حزبين متعاديين يقودهما ابراهيم الموصلي وابن جامع. وبوفاة هذين الموسيقيين المحترفين تزعم الحزبين اسحق الموصلي وابراهيم بن المهدي. ان جذور هاتين الحركتين كانت تمت الى التحاسد الذي نجم عن عن مكانة الموصلي في البلاط من جهة، ثم الى تطور ذلك الى نضال فني بين المدرستين: “الرومانتية” (يقصد الرومانسية) و”الكلاسية” في الموسيقى. كان الامير ابراهيم (بن المهدي) أبن خليفة وأخا خليفة، وولي الخلافة ردحا من الزمن (..) ويحدثنا صاحب كتاب الأغاني أن ابراهيم بن المهدي، رغم أنه “أعلم الناس بالنغم والوتر، وأطبعهم في الغناء، وأحسنهم صوتا،فقد قصر عن اداء الغناء القديم وعن انتاجه في صنعته، فكان يحذف نغم الأغاني الكثيرة العمل حذفا شديدا ويخففها على قدر ما هو أصلح له، ويفي بادائه. فاذا عيب عليه ذلك قال” أنا ملك، وابن ملك، أغني كما أشتهي، وعلى ما ألتذ”. فهو أول من اجترأ على الغناء القديم(..) وكان من نتيجة ذلكم التحدي أن جمعا من الهواة المتحمسين للتجديد، فضلا عن عدد لا يستهان به من المحترفين، انطلقوا يتحدون كل القواعد القديمة. واستعرت نيران الحرب بين معسكري الجديد والقديم، بشكل لاهوادة فيه، وظل النصر منحازا الى معسكر اسحق الموصلي طوال حياته (المحرر: معسكر القديم)، ولكنه انتقل بعد وفاته الى مدرسة المجددين”(6).

نكاد لو رفعنا أسماء ابراهيم الموصلي واسحق الموصلي وابن جامع وابراهيم بن المهدي، أن ننزل مكانها في النص ذاته أسماء أبو العلا محمد وسيد درويش، ثم القصبجي وزكريا أحمد والسنباطي (من ملحني أم كلثوم) ومحمد عبد الوهاب، حتى الموجي والطويل وبليغ حمدي وسيد مكاوي. وسنكتشف معا في الفصول التالية لهذا الكتاب، أن حيوية التجاذب والتصادم، والتأثير والتأثر، والرفض والقبول، في شأن القديم والجديد، لم تقتصر كما يبدو للوهلة الاولى على تفاعل تباري أم كلثوم وعبد الوهاب، ولكن هذا المخاض فرض نفسه بقوة وتفاعل بقوة داخل تيار أم كلثوم نفسه، كما سنكتشف عندما نقف بالتفصيل أمام المقارنة الدقيقة بين خط زكريا أحمد، المتمسك بشدة بالقديم، وخط محمد القصبجي المندفع بشدة نحو الجديد، وخط السنباطي الوسطي فيما بينهما. ولعل ذروة ذلك التجاذب داخل “المؤسسة الكلثومية” وصل الى ذروته التاريخية مع الحان فيلم “عايدة” كما سنرى بالتفصيل الكامل، في موضع لاحق من هذا الكتاب.

بل أن ملامح ذلك الصراع التاريخي الزمن بين القديم والحديث، وصل الى المدرسة الموسيقية العربية في لبنان وسائر الاقطار العربية في عصر أم كلثوم.

ان التأمل في تكرار ظاهرة الصراع بين القديم والجديد في الموسيقى، في عصر النهضة الأولى كما في عصر أم كلثوم، ثم التأمل في تكرار ظاهرة التأثر بموسيقات الشعوب الاخرى، في عصر النهضة الاولى كما في عصر أم كلثوم (وحتى في داخل التيار الكلثومي نفسه)،ان التأمل في هاتين المسألتين المتداخلتين، يقودنا في هذا التمهيد، الى خلاصتين في غاية الأهمية الثقافية والحضارية:

ان تعبير الموسيقى العربية التقليدية (أو الموسيقى العربية الاصيلة، وفقا للتعبير الشائع) لم يكن يعني في يوم من الايام، حتى في صدر الاسلام والعهد الاموي ثم العهد العباسي ثم عهد العرب في الاندلس، ما يتخيله الكثيرون من وجود “نقاء عرقي خالص” تتميز به الموسيقى العربية التقليدية. بل ان التداخل الثقافي في الموسيقى، كما في سائر المجالات الاخرى، كان حقيقة دائمة حتى في عصور النهضة الحضارية العربية التاريخية (بل كان خاصية مميزة لتلك العصور)، وأن المعيار الفاصل في هذا الصدد هو أن لا يقف التأثر عند حدود النقل والتقليد الشكلي، بل يتعداه الى هضم التأثر الثقافي واعادة انتاجه ضمن السياق الخاص والقوالب الخاصة المميزة للثقافة العربية، في الموسيقى كما في سواها من المجالات. هكذا فعل العرب القدماء عندما تأثروا بكل ما سبقهم وما عاصرهم من حضارات، وهكذا فعل الاوروبيون القدماء عندما أسسوا لنهضتهم الحديثة بعد القرون الوسطى.

ان الكلام عن اللون الكلثومي  أو التيار الكلثومي في الغناء العربي،  كمسوغ  لحشر تراث أم كلثوم كله في نمط واحد من الابداع الموسيقي- الغنائي، هو أبعد ما يكون عن الحقيقة، كما سنكتشف عند التوقف بالتحليل التفصيلي أمام الملامح الخاصة لكل واحد من عباقرة التلحين الثلاثة، الذين خصوا أم كلثوم بمعظم نتاجهم.

وهكذا فان الاعتقاد والمناداة بوحدانية النمط الكلثومي في الموسيقى والغناء يجافي وقائع تاريخ أم كلثوم الحقيقي، اضافة الى أنه لا يعلي من شأنها الفني، بل يفعل العكس تماما. وسنكتشف بعد عرض الوقائع الحقيقية لفن أم كلثوم وتحليلها، أن رصيد أم كلثوم الفني بما استخرجته من شعرائها وملحنيها وعازفيها، وما أبدعته من أساليب الاداء الغنائي، أكثر غنى وتنوعا مما يعتقد غلاة المتحزبين لوحدانية اللون الكلثومي.

ظاهرة انغماس بعض الخلفاء، ليس فقط في رعاية الفن والفنانين، بل في هواية فن الموسيقى والغناء وممارسته. ومع أن عصر النهضة الحديثة قد عرف ملوكا وأمراء ورؤساء ممن كان لهم دور بارز في رعاية فن الموسيقى والغناء رعاية مباشرة، ابتداء من محمد علي باشا والخديوي اسماعيل،  وملكا واحدا (على الأقل) توغل عميقا في هواية الموسيقى والعزف (الملك المغربي الحسن الثاني)، فان كتاب فارمر يحدثنا بوضوح عن انخراط عدد لا بأس به من الخلفاء في العهدين الاموي والعباسي، في هواية فنون الموسيقى والغناء (لا رعايتها فقط).

بل يذهب  فارمر الى التأكيد، بناء على المراجع العربية نفسها، أن هذه الفنون قد بدأ ازدهارها الاول في عهدي ثالث ورابع الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب، بعد تضييق واضح في عهدي أبي بكر الصديق وعمر بن الخطابِ(7).

غير أن العصرين الاموي والعباسي بعد ذلك، شهدا عددا من الخلفاء الذين تعمقوا في هواية فنون الموسيقى، يذكر منهم الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز، الذي تؤكد المراجع أنه أتقن فنون العزف والغناء قبل الخلافة، ولكنه حرمهما عندما تولى الخلافة(8).

أما في العصر العباسي، فيؤكد فارمر أن الواثق (تاسع الخلفاء العباسيين 842 - 847)، كان ابرع الخلفاء في العزف والغناء (9).

لكن تبقى ظاهرة أخيرة هامة تميز بها عصر النهضة الذهبية الاولى، عن عصر النهضة الحديثة المعاصرة، هي ظاهرة التوازن الواضح في مجالي الابداع الفني والابداع النظري. فقط حفلت القرون ما بين السابع والعاشر، الى جانب عباقرة العزف والغناء، بعباقرة التنظير الموسيقي العلمي والاسهام في تطوير الآلات الموسيقية والتأريخ الدقيق والشامل المواكب للحركة الموسيقية – الغنائية، برع في ذلك  نفر من العلماء والكتاب والفلاسفة كابن سينا والكندي والفارابي ويونس الكاتب وأبو الفرج الاصفهاني والخليل بن أحمد وسواهم، فيما نجد مقابل ذلك، في العصور الحديثة، أن التوازن مفقود بين ابداع العرب في انتاج وتطوير فنون الموسيقى والغناء، وبين ابداعهم في المجال التنظيري والتأريخي لهذه الفنون.

وبعد، فأن لهذا التمهيد التاريخي الموجز، مهمة أساسية في هذه الصفحات الأولى من كتاب عن سيرة أم كلثوم الشخصية والفنية، هي التأكيد  أن ظاهرة بوزن وحجم وتأثير ظاهرة أم كلثوم، لا يمكن فهمها وتفسيرها فقط بتحليل العظمة الاستثنائية لحنجرة أم كلثوم. فقد ظهرت على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين عشرات الحناجر النسائية المتميزة، لم تتمكن صاحباتها من احتلال الموقع الذي تبوأته أم كلثوم أو المساهمة في النهضة الغنائية بدور في مساحة وعمق وشمول الدور الذي لعبته أم كلثوم، وسط كوكبة الشعراء والملحنين والعازفين العباقرة المحيطين بها. انها لم تكن فقط أعظم مغنيات القرنين التاسع عشر والعشرين صوتا، بل كانت أيضا أعظمهن دورا.

لا شك بأن نقطة الانطلاق في تكون ظاهرة أم كلثوم، هي تلك العظمة الاستثنائية للمكونات الفسيولوجية لحنجرتها وقفصها الصدري وحجابها الحاجز وحبالها الصوتية (وهي الاعضاء التي تكونت منها آلتها الصوتية الاستثنائية)، غير أن عوامل عديدة أخرى جاءت تكمل ذلك، لتصل به الى أن يكون ظاهرة فنية تاريخية استثنائية، سنتعرض لها بالتفصيل الكامل في فصول هذا الكتاب، ولكننا نلخصها في ختام هذا التمهيد بمجموعة من “الفرص السعيدة” التي أتاحت ظهور هذه الموهبة الاستثنائية في سياق عصر شديد الخصوبة والحيوية الحضارية، وفي اطار شخصية انسانية  استثنائية قدر لها أن تكتسب، بالاضافة الى القوة والعزم، خلاصة مكونات الشخصية الريفية المصرية العميقة الجذور في الزمان، والشخصية المدينية القاهرية، في أكثر العواصم العربية حيوية انسانية ووقوفا على مفترق تلاقي الحضارة العربية مع الحضارة الاوروبية الوافدة من شمال البحر الابيض المتوسط.

ولا شك بأن نشأة أم كلثوم في بيئة الانشاد الديني الاسلامي منذ ولادتها وحتى اكتمال نضجها، قد جذرتها عميقا في تربة التراث الغنائي العربي المتراكم عبر العصور، ذلك أن تراث الانشاد الديني (الاسلامي والمسيحي الشرقي) شكل على مر العصور، الحافظة التاريخية للفلسفة الجمالية لمزاج الموسيقى والغناء المميز لشعوب هذه المنطقة القديمة من العالم.

بهذا المعنى يمكن القول بلا أي مبالغة لفظية مجانية أن ام كلثوم، بكل هذه المكونات، تعتبر (مع زميلها محمد عبد الوهاب) من أبرز الامتدادات في عصرنا الحديث لسلالة المغنين والمغنيات الذين صنعوا تاريخ الغناء والموسيقى في هذه المنطقة من العالم، منذ قديم الزمان، على النحو الذي حاولنا في الصفحات القليلة السابقة أن نرسم صورة له بملامح سريعة مركزة. وقد أتاحت لها سلامة البيئة الاولى التي تكونت فيها، وحسن رعاية التيارات الاجتماعية والثقافية الواعية في المجتمع القاهري في المرحلة الانتقالية الحساسة بين الانشاد الديني واحتراف الغناء، وقوة شخصيتها وفطنتها وخفة ظلها المصرية الصميمة، كل تلك العوامل سهلت لها دقة لا مثيل لها في اختيار شعرائها (أحمد رامي وبيرم التونسي) وملحنيها (وأبرزهم القصبجي وزكريا أحمد السنباطي) وكلهم خصوها بخلاصة عبقرياتهم الشعرية واللحنية، وكلهم ينتمون الى تلك السلالات التاريخية في فنون الموسيقى والشعر الغنائي. بل أنها شاركت توأمها على عرش الغناء في القرن العشرين محمد عبد الوهاب شاعره وراعيه أحمد شوقي، فاقتنصت منه قصيدة في وصفها (والتغزل الفني بها) حولتها عبقرية رياض السنباطي بعد ذلك الى واحدة من الروائع التاريخية للقصيدة الغنائية العربية (سلوا كؤوس الطلا). ثم مدت مشاركتها لعبد الوهاب في شاعرية أحمد شوقي، بتخصصها في غناء عدد من عيون قصائده الدينية، رفعت بها مع رياض السنباطي قلعة شامخة من القصائد الغنائية الدينية  (سلوا قلبي، ونهج البردة، وولد الهدى والى عرفات الله)، بل أنها ضمت عبد الوهاب الى كوكبة ملحنيها الموسميين في العقد الأخير من حياتها الفنية.

هذه هي لمحة عن العناصر التي كونت ظاهرة أم كلثوم، ومنحتها هذا الحجم التاريخي الاستثنائي، وهي العناصر التي سيحاول هذا الكتاب التعمق فيها وتلمسها بأوسع ما يمكن من الشمول في سيرتي أم كلثوم الشخصية والفنية.

إلياس سحاب

إلياس موسى سحّاب

•    كاتب سياسي وناقد موسيقي

•    الولادة: يافا، 1937

•    الجنسية: لبنانية

•    تابع دراسته الجامعية في جامعة القديس يوسف في بيروت، في تخصصين: دبلوم الدراسات الشرقية، والعلوم السياسية.

•    يعمل في الصحافة السياسية والثقافية والفكرية منذ عام 1961.

•    تنقل بين كبريات الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية السياسية والثقافية والفكرية، في لبنان ومصر وبعض دول الخليج العربي (الإمارات ـ الكويت ـ قطر ـ البحرين).

•    له عشرات الدراسات والأبحاث في الشأنين السياسي العربي والموسيقي، أبرزها دراستان للموسوعة الفلسطينية عن الموسيقى في فلسطين (المجلد الثالث)، وعن الفكر السياسي الفلسطيني (المجلد الرابع)، ودراسة ثالثة عن الموسيقى في القدس قبل 1948، في موسوعة القدس (تحت الطبع).

•    شارك في عدة مؤتمرات موسيقية في مصر ولبنان، وفي إلقاء سلسلة من المحاضرات ودورات التذوق الموسيقي، كما ساهم في إعداد برامج إذاعية متعددة في تذوق الموسيقى وفي القضية الفلسطينية.

فكتور موسى سحّاب

•    مدير البرامج في إذاعة لبنان (وزارة الإعلام)

•    الولادة: يافا، 1942

•    الجنسية: لبنانية

•    دكتوراه دولة لبنانية في التاريخ 1991 (إيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف)

•    حائزٌ منحةَ «فولبرايت» الأميركية للأبحاث 1988

•    باحث زائر في جامعة جورجتاون – واشنطن، 1989

•    محاضر في عدد من الجامعات اللبنانية، في تاريخ الأديان والموسيقى العربية المعاصرة.

•    عضو في مجلس الموسيقى العالمي.

من كتبه المنشورة

•    «السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة»، 1987

•    وديع الصافي، 1996

•    «مؤتمر الموسيقى العربية الأول – القاهرة 1932»، 1997

•    «الأنواع والأشكال في الموسيقى العربية»، 1997، (كتاب + 4 أشرطة)

•    «أغنيات نزار قباني» 1998، (كتاب + 4 أشرطة)

•    «أثر الغرب في الموسيقى العربية»، 1999، (كتاب + 4 أشرطة)

•    وللمؤلف كتب أخرى في تاريخ الأديان وغيرها.

back to top