ايران لن تقايض أحداً على المقاومة!

نشر في 06-01-2011
آخر تحديث 06-01-2011 | 00:00
 محمد صادق الحسيني سألت أحد كبار صانعي السياسة في إيران يوماً: كيف سيكون موقف بلاده لو دار الأمر أن يطلب منه الوقوف مع الغرب فيما يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي من أجل المصلحة القومية الإيرانية أو أن يقف مع العرب في هذا الصراع حتى لو تضررت المصلحة القومية الإيرانية؟!

لم يتردد المسؤول الإيراني الكبير يومها في القول إن موقف بلاده في المبدأ لن يكون إلا مع العرب في أي صراع بينهم وبين الغرب الداعم للصهاينة, لكنه أضاف جملة ربما نفهمها اليوم أكثر مما سبق من الأيام قائلاً: «لكن إخوانك العرب أحيانا لا يتركون لنا حيزاً واسعاً للاختيار بينهم وبين أقرانهم الغربيين لشدة ما يلتصقون بالموقف الغربي على حساب القضية العادلة المشتركة بيننا وبينهم».

كان الزمن يومها زمناً ما بات يعرف فيما بعد بـ»المبادرة العربية للسلام» أو ما اصطلح البعض على تسميته وقتها بـ»الهرولة الساخنة» مقابل «السلام البارد» الذي كانت تبادلهم به دويلة الكيان الصهيوني، وكان الخوف أن يقدم الغرب المخادع على نصف خطوة يشتري فيها ثقة العرب بدوره «الوسيط» ونصف أخرى يبيع فيها فلسطين فيقع العرب في فخ هذا الغرب المحتال، ويصبح الإيراني في «حيص بيص», ما قد يفضي إلى إحراجه ومن ثم إخراجه من دائرة التأثير في موازين الصراع حول القضية المركزية!

راحت الأيام وتسارعت الأحداث وصار الزمن غير الزمن، وبعد كل الذي حصل بين الغرب وأهلنا العرب والمسلمين في المنطقة, فإذا بإخواننا العرب وحسب كثير من الوقائع والقرائن- وبغض النظر عن الأهداف الحقيقية من وراء تسريب وثائق ويكيليكس»- تراهم وكأنهم أصبحوا بالفعل ملتصقين بالموقف الغربي ليس فقط تجاه القضية المركزية، بل من الموقف من إيران أيضا إلا من رحم ربي!

مصطلح العرب هنا المقصود به النظام العربي بالطبع، وليس الرأي العام العربي مطلقاً، فذاك له شأن آخر ولا غبار على موقفه العام لا في قضية فلسطين ولا في قضية صراع الغرب مع إيران، نقول هذا حتى لا يلعبن أحد على وتر الصراعات والفتن العرقية والطائفية والمذهبية المتنقلة التي تنفخ فيها أبواق فيلتمان وأشكنازي وبطاناتهما في بعض عواصم العرب والعجم!

الأسئلة المحيرة الآن أمام جماهير العرب كما أمام جماهير ايران كما أمام جماهير المسلمين هي: ألم يحن الوقت الذي يكتشف فيه النظام العربي من صديقه ومن عدوه أو خصمه في وقت الشدة؟! ألم يعتبروا من تجربة نظام الشاه الإيراني؟! ألا يرون ماذا يحصل مع النظام التركي؟! وأخيرا وليس آخراً ألا يرون ما يحصل لهم مع هذا النظام الغربي المتعالي والمتعجرف الذي أطلق عليهم ماكينة «ويكيليكس» لتبيع أسرارهم في سوق النخاسة الدولية؟!

ثمة من يروج بالطبع إلى ما يسميه جزافاً بمفاوضات إيرانية غربية لأجل عقد صفقة ما لمصلحة النووي قد تكون على حساب العرب, ويبرر التصاقه بالموقف الغربي من النووي الإيراني بمنزلة «هرولة» ذكية قبل فوات الأوان, ناسياً أو متناسياً أن مثل هذا من رابع المستحيلات مع إيران التي لن تستطيع إخراج فلسطين من عقيدتها الدفاعية حتى لو أعطيت القنبلة النووية, وهو ما تم عرضه على إيران بأدبيات ولهجات متفاوتة على امتداد العقود الثلاثة الماضية وكان الجواب دوماً هيهات منا ذلك!

ومع ذلك ثمة من يعتقد أن ضوءاً ما في آخر نفق الظلام الدولي يمكن أن ينقذ النظام العربي الرسمي من الورطة التي يعيشها, وهو أن يشهر سيفه على هذا الظلم والإجحاف الأجنبي بحق قضايانا العادلة، ويعلن كفره بما يسمى بالعدالة الدولية الكاذبة والمخادعة والمراوغة التي بات ينطبق عليها بيت الشعر العربي الشهير:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر

وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

نقول هذا، ونحن نستنكر كل قتل لأي نفس بريئة, نقول هذا ونحن مطمئنون إلى أن من قتل الحريري وقتل سائر رموز السياسة في لبنان إنما هم العملاء الصغار التابعون للموساد والمخابرات المركزية الأميركية تماماً كمن قتل ولغم وفخخ في بغداد وكابول والموصل والإسكندرية وسائر مدن الشرق من أجل أن يلعب الغرب المتعالي والمتجبر والمخادع والمخاتل على وتر الفتن المتنقلة ترسيخاً لنظريته القديمة المتجددة: «فرق تسد»!

فهل يستيقظ من لايزال مغشوشاً من العرب بعدالة أميركا وما يسمى بالمجتمع الدولي المخطوف من جانب محور واشنطن- تل أبيب؟!

ثمة بصيص أمل كما يقول لنا بعض الساسة العرب الأحرار، وفي مقدمتهم أبطال فلسطين ولبنان وسورية من رموز جبهة المقاومة والممانعة, في معادلة سموها بـ»معادلة السين سين»!

وثمة بصيص أمل آخر يتردد صداه أو شعاعه في طهران يشير أو يدل على استيقاظ البعض مما يسمى بمعسكر الاعتدال ينبئ بزيارات يقال إنها قريبة للملكين عبدالله الأول عاهل السعودية وعبدالله الثاني عاهل الأردن إلى العاصمة الإيرانية أو زيارة للرئيس أحمدي نجاد إلى عاصمتي البلدين الشقيقين بهدف وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق إقليمي- نصف دولي يغطي «معادلة السين سين» العربية الحامية لاستقرار لبنان والهادفة أساسا لإبعاد شبح الفتنة والحرب الأهلية عنه!

فهل تصدق توقعات أصحاب الأمل وتكبر معادلة الأسد- نجاد العربية الإسلامية لحماية المشرق، وتصبح بحارهما الخمسة ستة وسبعة إلى أن تصبح محيطاً آمناً يجرف ما تبقى من أوهام الرهان على عدو الأمة وعدو الإنسانية الذي دس خنجره الصهيوني في قلب جسمنا النازف منذ ما يزيد على القرن من الزمان؟!

إيران السيد القائد الإمام الخامنئي وإيران نجاد وإيران أمة الإمام الوفية لقيمها وأهدافها وشعائرها وشعورها وعقلها وقلبها الذي ينبض في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس تقول: نعم الأمل كبير بقرب حصول التحول المنتظر في صفوف الأمة، وما النصر إلا صبر ربع ساعة!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني

back to top