مرفوض... مرفوض... مرفوض

نشر في 16-03-2011
آخر تحديث 16-03-2011 | 00:00
 سعد العجمي هل قوات درع الجزيرة دخلت البحرين لحفظ الأمن أم لقمع المحتجين وقتلهم؟ على كل من له رأي فيما يحدث في البحرين للإجابة عن هذا السؤال قبل أن تذهب به الأهواء بعيدا أو يجرفه تيار العاطفة إلى المربع الذي ينعدم فيه الرأي وتضمحل فيه الرؤية، فالوضع لا يحتمل التنظير السياسي أو مداراة الخواطر.

مطالب المعارضة البحرينية مطالب مشروعة ومستحقة، فلا يمكن لأي عاقل أن يقف موقفا سلبيا من مطالبة شريحة كبيرة في مجتمع ما بالعدل والمساواة، وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، وتحسين الظروف المعيشية، والمشاركة في إدارة البلاد، والرقابة الشعبية الحقيقية لا الصورية على أعمال الحكومة، وهي المطالب السلمية التي أكسبت حراك المعارضة في البحرين تأييد الرأي العام الخليجي والعربي والدولي، قبل أن تنحرف عن مسارها الطبيعي ويتحول ذلك الحراك إلى أعمال شغب وفوضى وقطع للطرقات وتدمير لمرافق الدولة التي هي ملك للمواطنين وليس للأسرة الحاكمة فقط.

عندما التزمت المعارضة البحرينية خلال حملتها الأخيرة برفع شعار المطالب السلمية حققت الكثير من المكاسب، أهمها اعتراف نظام الحكم بالأخطاء واتخاذه بعض الإجراءات– وإن كانت خجولة نوعا ما– لتصحيح المسار عبر دعوته إلى فتح باب الحوار والعفو عن المبعدين والمسجونين بتهم سياسية، وكان بالإمكان إزاء هذه التنازلات وبقليل من الحكمة والصبر، الوصول إلى صيغ توافقية ترضي كل الأطراف وتجعل من حراك المعارضة البحرينية نموذجا يقتدى به في المجتمعات الخليجية؛ نظرا لخصوصية الأوضاع في دول المجلس.

مخطئ من يعتقد أن انفلات الأمن في البحرين هو لمصلحة المعارضة، بل على العكس من ذلك تماما، فالمعارضة بالأمس حققت بعض المكاسب، وكانت في طريقها لتحقيق المزيد عندما انتهجت الأسلوب الحضاري في التعبير عن المطالب والرأي عبر الاعتصامات السلمية، أما اليوم وبعد دخول قوات درع الجزيرة وإعلان الملك لحالة الطورائ في البلاد فإن المعارضة ستكون تحت ضغط سياسة العصا والجزرة في أي تفاوض قادم، وتذكروا هذا الكلام جيدا.

بغض النظر عن نظرية المؤامرة، وبعيدا عن ورقة إيران والقاعدة التي ترفعها بعض الأنظمة كـ»فزاعة»، فإن إطلاق مواقف مسبقة تجاه دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين أمر سابق لأوانه بالنسبة إلينا ككويتيين على الأقل، فإن كان الهدف هو حماية أمن البحرين واستقرار نظام حكمها وسلامة مواطنيها والحفاظ على مقدرات شعبها من أي عبث فهذا موقف يجب أن يدعم من قبلنا رسميا وشعبيا، فعلاقتنا التاريخية بالبحرين ليست محل غض طرف لإرضاء هذا أو عدم استفزاز ذاك، خصوصا أنه لا يمكن لنا أن ننسى موقف مملكة البحرين عند احتلال العراق لبلادنا، أما إن كان تدخل تلك القوات لأجل قمع الشعب أو قتل طائفة معينة– وهو ما أستبعده– فهذا أمر مرفوض مرفوص مرفوض.

عدا النائب العزيز حسن جوهر، فلا يحق لأي صوت كويتي، سواء كان نيابيا أو حقوقيا أو ثوابتيا صمت أو أيد أو برر ضرب نواب الأمة وبعض أبناء الشعب الكويتي على يد رجال الأمن في أحداث ديوان الحربش، أن يرفض تعرض البحرينيين للعنف من قبل رجال الأمن هناك، وهو العنف الذي نرفضه نحن قبل غيرنا، فمن سكت منهم تجاه ما حدث لأبناء وطنه في الصليبيخات، وأدان ما حدث للبحرينيين يعني أن قلبه متعلق بعواصم خارجية وأجندات طائفية بحتة.

نعم فقط حسن جوهر يحق له الكلام، نعم حسن جوهر يحق له التعليق، نعم حسن جوهر يحق له الرفض أو القبول، حتى إن اختلفنا معه في وجهة النظر وهذا أمر طبيعي، فصراحة وشفافية وعدم ازدوجية معايير «أبو مهدي» وكيله بمكيالين، ووطنيته المعتقة تجعل خصومه يتقبلون آراءه قبل أصدقائه، فهو رجل منسجم مع نفسه ومواقفه ولم يقبل أن تمتد أي يد على إخوانه في الكويت، ولذلك له الحق في رفض تعرض أشقائه في البحرين للعنف.

على أن ما أحزنني في هذه الجزئية تحديدا هو تشبيه النائب عدنان عبدالصمد دعم دول الخليج للحكم في البحرين بدعمها لنظام صدام حسين الاستبدادي في الثمانينيات، وهي سقطة كبيرة من سياسي كنت أتمنى أن يعود كبيرا، عندما شبه نظام صدام حسين الذي دخل في حروب مع جيرانه، وأباد شعبه بأسلحة الدمار الشامل بنظام آل خليفة الذي سخر كل إمكانيته وقواعده البحرية لجيوش التحالف؛ كي تحرر الكويت من جحافل جيش العراق، وبمناسبة ذكر العراق لماذا لم يدن عدنان عبدالصمد الحرب على العراق ودخول القوات الأميركية والبريطانية لإسقاط نظام صدام حسين؟!!

على أي حال فإن تأييدنا لحفظ الأمن في مملكة البحرين الشقيقة يرافقه رفضنا القاطع لإراقة أي قطرة دم لشيعي أو سني في البحرين، وقبل ذلك وبعده على المعارضة البحرينية قبل غيرها أن تدرك أن الثورات لا تستنسخ، فظروف الدول تختلف باختلاف مواقعها الجغرافية ومكوناتها الاجتماعية، وعسى الله أن يحفظ البحرين وشعبها من كل مكروه.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top