وا أسفاه على وطني وحرياته الزائفة

نشر في 18-02-2010
آخر تحديث 18-02-2010 | 00:00
 محمد حمد الغانم لم يكن قرار السلطة منع الدكتورة مضاوي الرشيد من القدوم إلى البلاد بالأمر الهين، فهو قرار آخر ينذر بوأد الحرية في هذه البلاد بأبعادها المختلفة، جاء هذا القرار كالرمح المصوب نحو حرية الفكر والمبدأ، وليكبل صوت امرأة تطمح إلى مستقبل أفضل لنفسها ووطنها.

نفذ هذا القرار في عهد حكومة تتباهى «بمقارعة الحجة بالحجة»، إلا أنها خسرت الرهان، وفضلت نهجاً قمعياً، وقررت منع الدكتورة مضاوي لعدم قدرتها على مواجهة فكرها المدعم بالعلم، والذي لطالما روجته بالأخلاق الرفيعة والأسلوب الحسن.

قرار السلطة منع مضاوي الرشيد هو محاولة خاسرة لطمس حقها الإنساني في النقد، آملة أن يلحق سياسة تكبيل الأفواه هذه إيقاف تام لشغفنا للنظر إلى الأمور من زوايا أخرى، وأن تحرمنا حقنا في التفكير والتحليل النقدي.

قررت السلطة وبشكل مفاجئ حرمان أستاذة وأكاديمية مرموقة من فرصة للتداول في الشأن العربي العام مع زملائها في الحقل الأكاديمي وبعض رموز المجتمع المدني الكويتي، وبهذا القرار ضربت السلطة بكل معاني دولة القانون والحقوق الفردية التي كفلتها قوانين الدولة عرض الحائط، فسحبت التأشيرة، دون سبب رسمي ودون حكم قضائي تستند إليه في تبرير موقفها.

فالحكومة (أو من اتخذ القرار بالنيابة عنها) تتصرف وكأنها الآمر بأمر الله، دون أن تفكر بالعواقب وردود الفعل، وقبل أن تتحرى أسباب الزيارة ودوافعها... كل هذا ومازلنا نتغنى بحريات لا تدنس ولا تسلب في الكويت!

ليس وحدها حرية الفكر التي قمعتها السلطة من خلال سحب تأشيرة مضاوي الرشيد، بل بفعلتها هذه منعت الحكومة مفكرة، كانت تنوى الإشادة بالكويت وتجربتها الديمقراطية الناشئة، من أجل سياسات وحسابات إقليمية، لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

منع الدكتورة من القدوم إلى الكويت، سلبنا حريتنا باتخاذ قراراتنا الوطنية دون ضغط من أحد، ولا بتدخل جهة أخرى مهما كانت الروابط التي تجمعنا، فالحرية والسيادة لا تختزلان على الأرض والحدود فحسب، بل هما استقلالية القرار الداخلي أيضا.

وللأستاذة والزميلة والصديقة مضاوي أقول، ارفعي رأسك يا سيدتي، فقد نتفق أو نختلف معك، ولكن عزمك على الثبات في الموقف والرأي لابد أن نحترمه ونقدره، ومهما زادت الشدائد ووطأتها فتذكري دوما: «... (أن) الله خلقنا أحرارا، لم يخلقنا تراثا أو عقارا، فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نورث ولا نستعبد بعد اليوم». أحمد باشا عرابي- 1880م.

back to top