انقسام الحركة الخضراء في إيران

نشر في 25-01-2010
آخر تحديث 25-01-2010 | 00:01
رفض علي شريعتي، على نحو مهم، كل الاحترام المفترض للسلطة والمؤسسات الدينية معلناً أنها "لا تملك أدنى قدر من المعرفة"... لذلك تكمن جاذبية شريعتي المستمرة في فكرة أن المرء غير مجبر على القيام بصفقة شريرة بين الدين والدولة العلمانية.
 ديلي تلغراف كيف نستطيع تفسير التناقضات في الحركة الخضراء في إيران، التي تجمع بين قائدين مؤيدين للجمهورية الإسلامية هما مير حسين موسوي ومهدي كروبي، ومجموعات علمانية تجهر بآرائها في الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت شوارع البلاد؟ يشير هذا الاختلاط المربك بين الظواهر المحيطة بالحركة إلى العلاقة المثيرة للجدل بين الإسلام والعلمانية في إيران. من هذه الظواهر شبّان يصيحون الله أكبر من على أسطح المنازل؛ ونساء ينزعن أحجبتهن في الاحتجاجات العامة؛ موسوي يذكّر بحرارة بدايات الجمهورية الإسلامية حين اعتمدت الأسلوب الوحشي واعتبرت نفسها المخلّص؛ وغيرها.  

شكل طرح آية الله الخميني فكرة ولاية الفقيه محاولةً لدمج التقاليد الإسلامية الشيعية بوقائع الدولة الحديثة، لكن الإسلام السياسي الذي اعتمده الخميني كان أقوى فكرة تمخّضت عن الثورة الإسلامية. لكن ما يجهله كثيرون فلسفة علي شريعتي (1933-1977). يشكل نظام حكم شريعتي الإسلامي السياسي والفريد جزءاً مما يعزز الأمل في أن يتمكن الإسلام من بلوغ الفصائل الدينية والعلمانية في الحركة الخضراء بطريقة تعكس الخيمة الكبيرة التي تجمع بين الإسلاميين واليساريين في إيران قبل الثورة وبعدها. فواقع أن شريعتي توفي أيضاً قبل عامين من اندلاع الثورة يعزز الشعور بأن فكره لم يُختبر كما يجب على أرض الواقع.

يصعب على نحو شائع تجاهل فكرة الإسلام السياسي لدى شريعتي. روّج هذا الأخير الذي درس في فرنسا وتأثر بجان بول سارتر وفرانتز فانون، لنوع من الإسلام الثوري يختلف تماماً عن ذلك الذي أنتجه عقائديون آخرون مثل سيد قطب الذي ينتمي إلى حركة الإخوان المسلمين. فاقترح، مستنداً إلى الشيوعية، الصوفية، التاريخ الشيعي وإيديولوجية العالم الثالث، إسلاماً سياسياً حيث تشكّل أكثر الحركات ثوريةً في التاريخ الإسلامي وحدها أصالته. وهكذا رفض، على نحو مهم، كل الاحترام المفترض للسلطة والمؤسسات الدينية معلناً أنها "لا تملك أدنى قدر من المعرفة"، لذلك تكمن جاذبية شريعتي المستمرة في فكرة أن المرء غير مجبر على القيام بصفقة شريرة بين الدين والدولة العلمانية.    

مع ذلك، من غير الملائم النظر إلى شريعتي كشخصية شبيهة بمارتين لوثر كينغ ينشر الأفكار الثورية والإصلاحية حول الإسلام. ينتقده بعض العلمانيين لجعله الأفكار الإسلامية تبدو مقبولة للإيرانيين الذين يعيشون في المدن خلال الفترة التي أدت إلى ثورة عام 1979، مساهماً بذلك في مشروع الخميني على الرغم من أنهما يملكان أفكاراً مختلفة، وفي سياق أكثر أهميةً، تبدو نصوص شريعتي بحد ذاتها متناقضة جداً، إذ تنتقل من فقرات توحي بالنسوية الراديكالية، إلى الإشادة بمزايا أصول اللباس الإسلامي المتواضع، ثم إلى تكوين صورة مبتذلة عن النساء الغربيات تقتصر على الأغراض الجنسية.    

لكن ما هو غامض التأثير الحقيقي لأفكار شريعتي بين جيل من الشبان الإيرانيين مسيّس حديثاً، فلا شك أن هناك أفكارا موروثة أدى شريعتي دوراً فيها وتسمح بفهم سياسة الإسلام والعلمانية في إيران إلى حد أن مؤيدي الحركة الخضراء يستطيعون صياغة تحليلات تحمل عناوين مثل "لا حكم دينيا ولا علمانية؟". نستطيع أيضاً تضمين أحداث متناقضة جرت أخيراً مثل الاحتجاجات المعادية للحكومة، والتي أثارها تشييع جثمان آية الله منتظري (مرددةً صدى الاحتجاجات المسيّسة خلال إحياء ذكرى وفاة المتظاهرين السابقين والتي أدت إلى الثورة)، بينما ذبُل اللون الأخضر في الصدامات العنيفة في الشوارع التي وقعت خلال ذكرى عاشوراء في ديسمبر (ما يدل على انسلاخ عن قيادة موسوي).

فضلاً عن ذلك، فإن عدم الرضا عن تديّن الحركة الخضراء ساهم في اقتراح إنشاء "حركة خضراء حقيقية"، والأكثر تناقضاً بين كل ذلك، "حركة خضراء علمانية". قد يكمن مستقبل السياسة الإيرانية بالتالي في ما يُفترَض أن يكون علمانياً وإسلامياً في آن، أو على نحو بديل في الفشل البائس في الابتعاد عن تناقض حقيقي أمضى شريعتي كل فترة حياته المهنية ينفيه. 

Christopher booker

back to top