وجهة نظر في عيد الشكر الأميركي

نشر في 30-11-2008
آخر تحديث 30-11-2008 | 00:00
No Image Caption
 غادة العيسى كتبنا في بداية العام مقالات عدة عن استثمار الصناديق السيادية لدول الخليج ودول شرق آسيا في المصارف الأميركية (1)، كان أولها في يناير 2008 عندما أعلنت الهيئة العامة للاستثمار في الكويت نيتها الاستثمار في كل من «سيتي غروب» و«ميريل لينش» (2)، وحذرنا من هذا الاستثمار لسببين رئيسيين، الأول: هو التوقيت، وقلنا إن أزمة البنوك الأميركية كانت في بدايتها وليست في نهايتها، وانها ستكون أسوأ من أزمة بنوك الادخار والاقتراض (Savings and Loans)، التي حدثت في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، واستمرت سنوات عدة وأدت إلى إفلاس بنوك كثيرة وكلفت الحكومة الأميركية 120 مليار دولار دفعتها من ضرائب الشعب الأميركي.

والسبب الثاني: نوع الاستثمار، وقلنا إن قطاع البنوك عادة ما يكون أول المتأثرين بالركود الاقتصادي الذي كان متوقعا من قبل عدد من خبراء الاقتصاد وقت ذلك.

والآن، وبعد مرور عشرة أشهر، اتضح أن العالم دخل فعلا في ركود اقتصادي، وتبين أن أزمة المصارف الأميركية من خسائر الرهن العقاري قد تضخمت وتحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية، وأنها ستكلف الحكومة الأميركية تريليونات الدولارات ستدفعها من ضرائب الشعب الأميركي مرة أخرى، وسيتكبد العالم بأجمعه مبالغ طائلة قد تعادل أو تزيد على ما ستتكبده الولايات المتحدة الأميركية.

وكما تبين أن قرار استثمار الصناديق السيادية في كل من «سيتي غروب» و«ميريل لينش» لم يكن مدروسا، وأن الصناديق السيادية لدول الخليج ودول شرق آسيا تسرعت في استثمارها في تلك البنوك، إذ أعلنت هذه البنوك خسائر بمليارات الدولارات، وخسرت أسهمها ما يفوق 70 في المئة من قيمتها منذ استثمار الصناديق السيادية بها في بداية العام.

ولإنقاذ المصارف وشركات التأمين وغيرها من المؤسسات المالية من الإفلاس، اضطرت الحكومة الأميركية - المشجعة للسوق الحر - إلى أن تتدخل في نهاية الصيف الماضي بعدة خطط ستكلفها تريليونات الدولارات لإنقاذ بعض من مؤسساتها المالية.

ومن ضمن خطط الإنقاذ هذه توفير السيولة المطلوبة لتشجيع بعض المصارف القوية على شراء مصارف أخرى تكبدت خسائر طائلة، مثلما حدث مع «ميريل لينش» عندما تقدم «بنك أوف أميركا» في شهر سبتمبر الماضي لشرائها لكي يحميها من الإفلاس، وذلك في صفقة ستتم في بداية العام القادم.

وكذلك قيام الحكومة الأميركية بضخ أموال طائلة في بعض المصارف لرفع رؤوس أموالها التي انخفضت من خسائرها الفادحة من جراء أزمة الرهن العقاري، مثلما حدث مع «سيتي غروب» عندما ضخت الحكومة الأميركية مبلغا قدره 45 مليار دولار في البنك - على فترتين في كل من شهري أكتوبر الماضي ونوفمبر الحالي - وذلك لمنعه من الإفلاس.

وبمناسبة عيد الشكر الأميركي (Thanksgiving) الذي كان الخميس الماضي، نعتقد أن من الواجب أن تتقدم الهيئة العامة للاستثمار في الكويت بالشكر الجزيل لكل من «بنك أوف أميركا» والحكومة الأميركية لتدخلهما في كل من «ميريل لينش» و«سيتي غروب»، وإنقاذهما من الإفلاس، وكذلك أن تستمر الهيئة في الصلاة والدعاء حتى يقف تدهور أسعار أسهم هاتين المؤسستين، اللتين مازالت أسهمها في انخفاض مستمر برغم خطة الإنقاذ الأميركية، كما هو موضح في الجدول أدناه.

......................................................

(1) انظر جريدة الجريدة في 9 يناير 2008 لأول مقال، ثم في 30 يناير و19 مارس و17 أبريل و1 مايو 2008 للمقالات الأخرى عن استثمار الصناديق السيادية في «سيتي غروب» و«ميريل لينش».

(2) استثمرت الهيئة العامة للاستثمار 3 مليارات دولار في «سيتي غروب» وملياري دولار في «ميريل لينش» في أسهم الأفضلية القابلة للتحويل إلى أسهم عادية (Convertible Preferred Stock).

back to top