الحال والحل: الإثارة في الدورة الأولمبية... والإدارة

نشر في 10-08-2008
آخر تحديث 10-08-2008 | 00:00
 نادية علي الشراح عندما أصرت الصين على طلب استضافة الدورة الأولمبية، لم يشكك أحد في قدرتها المالية أو التنظيمية، فقد صرفت نحو 40 مليار دولار للتمهيد لهذه الدورة، مقابل 16 مليار تكاليف سابقتها في اليونان. ولا يعتبر هذا المبلغ الضخم عقبة بعد معجزتها الاقتصادية، وإنما هناك عقبات وعراقيل أخرى.

ملفها بشأن حقوق الإنسان كان عقبة رئيسية، أبرز عناوينه الحريات العامة في الصين والتبت، ودعمها لحكومة السودان على حساب مأساة دارفور الإنسانية، وجاء التلوث ليشكل عقبة رئيسية أخرى.

ولن يحسب من أكبر إنجازات الصين حفل الافتتاح الرائع الذي حضره رؤساء وممثلو حكومات أكثر من 100 دولة، ولا بيع التذاكر جميعها للألعاب كلها، وهو إنجاز قياسي، ولن يكون أكبر إنجازاتها المحتمل ما قد يحصده لاعبو الصين من الميداليات الذهبية، بل العقبة والإنجاز هما نجاح أو عدم نجاح الصين في استضافة الدورة، والإنجاز أو الفشل هو في تمكنها من عدمه في دمج الصين في بيئة العولمة الحديثة، في ضوء موازين القوى والندية مع عظمى دول العالم.

والإنجاز هنا يتجسد في قدرتها على تسويق الصين الحديثة وإبراز قدراتها معماريا ورياضيا وإداريا، والذي تمثل في الجهد الضخم للبنى التحتية التي أُعدت في زمن قياسي استعداداً للدورة، علاوة على حفل الافتتاح الذي يلخص القدرة على التفوق الحالي والقادم للصين.

وفي استفتاء حديث، يعتقد 70% من الأميركيين أن التهديد الأكبر القادم من الصين هو احتمال تفوقها اقتصاديا على الولايات المتحدة، ومع التفوق الاقتصادي قطعا يأتي التفوق في كل شيء، وأشد الانتقادات للصين أنها في سبيل المضي في تفوقها الاقتصادي، لا معنى لأي شيء آخر في طريقها، وأشدها كان تحالفها مع السودان التي يعتقد أن للصين فيها نحو 10 مليارات دولار استثمارات مباشرة، لذلك هي تبيع دارفور وربما تستخدم حق «الفيتو» لمنع أي قرار ضد السودان أو رئيسها من قبل مجلس الأمن الدولي، لتروي عطشها من النفط في المستقبل، فهي ترى في السودان مستقبلا نفطيا. وحققت الصين نموا اقتصاديا للربع الثاني من العام الحالي بلغ 10.4% رغم أزمة العالم، أي بمعدل يقترب من 8 أمثال ما حققته الولايات المتحدة من نمو في الفترة نفسها، وهذه الفروقات الضخمة في النمو بين أكبر اقتصاد ورابع أكبر اقتصاد قد تؤدي إلى تحقيق طموحات الصين في التفوق وخلال مدى قصير.

وليس مهما ما ذكر كله، ولكن دولة المليار والثلاثمئة مليون إنسان، توظف كل شيء لمصلحة تفوقهم حتى ولو بعد ربع قرن، ولا تترك أي أمر يمر عبثاً، في حين انه كم من العبث يمر بحياة دولنا وشعوبنا من دون حساب، ولو كان حدثا واحدا أو بضعة أحداث لبلعناها وسكتنا، ولكنه أمر غير طبيعي ألا نحسب حساب شيء على الإطلاق، فالنمو الاقتصادي والسكاني والتعليم والصحة والتلوث والتصحر... إلخ، هل يعرف أي عبقري في دولنا مآلها؟ أراهن أنه لا أحد يعرف، وقطعا لا يعرف مسؤولينا أجوبة ناجحة عن مآلها.

لقد كان حفل افتتاح الدورة الأولمبية رائعا، تنظيما وجمالا وإدارة، وأقترح أن نستعير الفريق الصيني الذي قام بتنظيمها بعد انتهاء مهمته، لتدريب مسؤولينا على شؤون إدارة الدولة، أما إن كان لا أمل في نقل المعرفة والالتزام إليهم، فلنمنحهم إجازة طويلة، وربما تقاعدا سخيا، ولنترك شؤون الإدارة للفريق الصيني!

back to top