سرية البيانات الشخصية... منتهكة

نشر في 04-07-2008
آخر تحديث 04-07-2008 | 00:00
في المجتمعات المتقدمة غالباً ما تنتهك سرية المعلومات، لكن وجود القوانين والضوابط يتيح للمتضرر حق مقاضاة مَن حصل عليها، ومن باعها لغيره.
 سعود راشد العنزي

على الجهات المسؤولة متابعة ما يتسرب من بيانات شخصية في غاية الخطورة، تباع على أقراص مدمجة مقرصنة، فلا يعقل أن تكون قاعدة بيانات وزارة الداخلية بما فيها أرقام السيارات متاحة بهذه السهولة، ولا يجوز أن تتوافر معلومات على مواقع بعض الوزارات لا يحتاج المستخدم للحصول عليها إلا لمعرفة الرقم المدني لأي شخص ليتعرف على عدد المخالفات المرورية والأحكام الصادرة بحقه، وغيرها من البيانات الشخصية.

تعتبر البيانات الشخصية ملكاً لصاحبها، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تداولها واستخدامها إلا بإذن صريح منه، هذه العبارة ليست لها قيمة في المجتمعات التي لا تحترم الخصوصية، ولا تتوافر فيها قوانين تكفل سرية هذه البيانات. وكي لا يقع اللوم على الدول غير المتقدمة فقط، لابد من تبيان عدد من الحقائق التي قد تختلط على القارئ.

ففي المجتمعات المتقدمة غالباً ما تنتهك هذه السرية، لكن وجود القوانين والضوابط يتيح للمتضرر حق مقاضاة مَن حصل عليها، ومن باعها لغيره، وذلك إذا ما رفضت تلك الجهات رفع اسمه عن قوائمها.

وقد يفاجأ الإنسان منا إن هو بحث في الإنترنت عن بياناته الشخصية، بكم المعلومات المتوافرة عنه للعامة في الأغلب الأعم من دون علمه. هذه البيانات قد يكون قدَّمها هو عندما كان يهم بشراء شيء عبر الإنترنت أو عند تعبئة استمارة الحصول على إيميل جديد أو ما شابه ذلك، إضافة إلى هو متوافر ضمن السجلات العامة المتاحة للباحثين والمربوطة بالإنترنت.

ويعد انتشار مثل هذه البيانات الخاصة إحدى الضرائب التي على المتوغلين في عالم التطور والتقدم الإلكتروني دفعها أو إيجاد وسائل لمقاومة أضرارها بحقوق الأفراد. فهناك كثير من الجهات التي تسعى الى جمع قوائم بيانات عن مستخدمي الإنترنت تشمل عناوينهم الإلكترونية، ومواقع صفحاتهم على الشبكة، وربما معلومات عن هواياتهم، وغيرها من البيانات التي تستفيد منها الشركات المعلنة، فتقوم هذه الجهات الجامعة للبيانات ببيع قوائمها للشركات المحتاجة إليها، وهو ما يفسر كثافة البريد الإلكتروني الذي يصل إلى الإنسان يومياً من جهات لم يعطها عنوانه في الأصل، حتى وصل الأمر إلى تطوير برامج خاصة للتخلص من مثل هذا الهجوم البريدي الإعلاني غير المرغوب فيه والمسمى (سبام SPAM).

«غوغل» من جانبها، تمكنت من الوصول إلى مستواها الحالي من الناحية المالية، ومن القدرة على منافسة كبريات الشركات المتخصصة وتجاوزها أيضاً بعد ان تفوقت على مايكروسوفت وياهو، وما كان لـ«غوغل» أن تحقق ذلك لولا توصلها الى طريقة مبدعة في الإعلان على المواقع الإلكترونية، فبدلاً من أن تبحث عن موقع مهتم بآلام الظهر فتجد إعلاناً عن معجون الاسنان، حيث لا علاقة بين الأمرين، تمكنت «غوغل» من ربط الإعلانات بكلمات البحث التي يكتبها مستخدم محرك البحث، أي انك عندم تكتب كلمات بحث عن موقع سياحي فإن الإعلانات التي تظهر لك مع نتائج البحث ستكون لشركات ومكاتب سفريات من نفس المنطقة التي أجريت منها البحث.

بعبارة أخرى، استخدمت شركة «غوغل» ما توافر لديها من معلومات عنك، وقدمت لك الإعلان المتصل بحاجاتك، أي أنها استفادت من البيانات الشخصية المتوافرة عنك عند قيامك بالبحث، وهي معلومات قد تتجاوز ما تظنه معروفاً عنك.

أذكر هذه الأمور، لا لكي أبرر ما تقوم به بعض شركات الهواتف المتنقلة في الكويت، بل لأميز بين ما يقع تحت يد شركات الإعلان من بيانات شخصية بسبب إهمال صاحبها، وما يتوافر لدى الشركات من بيانات أخذتها عند تقديمها لخدمة معينة للزبون كحصوله على رقم هاتفي، في هذه الحالة لا يجوز تقديم قوائم الاسماء هذه لمن يرغب بمقابل مادي ليستخدمها في حملته الإعلانية.

إن المطلوب في مثل هذه الحالات أن يخطر صاحب الرقم مسبقاً بإمكانية تقديم رقمه ضمن قوائم الإعلانات، ويمكن للشركة استخدامه فقط عند موافقته.

كما أن على الجهات المسؤولة متابعة ما يتسرب من بيانات شخصية في غاية الخطورة، تباع على أقراص مدمجة في شارع ابن خلدون في حولي وغيرها من الأماكن التي تبيع أقراصا مقرصنة، فلا يعقل أن تكون قاعدة بيانات وزارة الداخلية بما فيها أرقام السيارات متاحة بهذه السهولة، ولا يجوز أن تتوافر معلومات على مواقع بعض الوزارات لا يحتاج المستخدم للحصول عليها إلا لمعرفة الرقم المدني لأي شخص، ليتعرف على عدد المخالفات المرورية والأحكام الصادرة بحقه، وغيرها من البيانات الشخصية.

back to top