دعوا أحمدي نجاد يحلم

نشر في 11-10-2007
آخر تحديث 11-10-2007 | 00:00
 د. عبدالمطلب فيصل البلام «ليست الحكمة أن تبني مفاعلات نووية تيسر السبل إلى اكتشافات واختراعات جديدة، بل الحكمة هي أن تبني للمجتمع مفاعلات أخلاقية تهذب السلوك في استخدام تلك الاكتشافات والاختراعات المنتظرة».

إن امتلاك معامل لصنع القنبلة النووية ليس كامتلاك معامل لصنع الأسلحة الأوتوماتيكية. انه حلم يحتاج إلى تضافر جهود ومعطيات متنوعة ومتكاملة. ولكي يتحقق ذلك فإن المجتمع في حاجة إلى توفير أسس ومبادئ علمية اقتصادية عدة، والأهم من ذلك تربوية وأخلاقية. لذلك... تحاول الأمم الراقية أن تطور نفسها في شتى مجالات الحياة قبل الشروع في بناء مثل هذا النوع من السلاح. هذه الأمم تعلم أهمية تسلق سلم الرقي درجة تلو الأخرى قبل الوصول إلى القمة. أما في جمهورية إيران الإسلامية شأنها شأن بقية دول الجمهوريات الدينية والدساتير الثابتة المقدسة، فالوضع معكوس... ففي بلد عاجز عن إنتاج أبسط أنواع الاختراعات المتميزة ذات الكفاءة، يحاول رئيسها السيد أحمدي نجاد أن يصنع مفاعلاً نووياً يوفر لبلاده مصدراً متجدداً للطاقة ويكون محطة عبور نحو السلاح النووي. نعم «برافو»... فالحلم جميل والصورة المرسومة زاهية. ولكن... تطبيقه السليم على أرض الواقع ليس بالأمر السهل. فتوجه إيران السامي لإنتاج القنبلة النووية، في حين أن ثلثي مجتمعه يعيش بأوضاع القرون الوسطى هي أشبه بحال الشخص الذي يريد أن يصبح رساماً وهو لا يعرف كيفية الرسم ولا يمتلك فرشاةً أو ألوانا.

والأدهى من ذلك... قلق دول مقدمة الحضارة الإنسانية من محاولة أحمدي نجاد امتلاك مفاعل نووي، وهو الذي يحتاج اليهم في إنتاج كل المواد الأولية التي يحتاجها المفاعل. لذلك أنا أطمئنهم وأقول لهم:

دعوا أحمدي نجاد يحلم بصنع مفاعل نووي... فهو في النهاية بحاجة إلى آلة الحفر الجبارة المصنوعة في ألمانيا لشق الجبل الذي سيأوي ذلك المفاعل النووي المنتظر.

وهو بحاجة إلى ذلك الكمبيوتر الدقيق المجمع في تايوان والذي سوف ينسق عمل أقسام وأجهزة ذلك المفاعل النووي المعقد.

وبحاجة إلى ذلك النظام الأمني الحاسوبي المصنوع في مختبرات «السيلكون فالي» بأميركا لحماية أمن ذلك المفاعل النووي.

وبحاجة إلى تلك السترة المضادة للإشعاع والمصنوعة في مختبرات بعض مصانع الصين لحماية العاملين في ذلك المفاعل النووي من الأشعة الضارة.

وبحاجة إلى ذلك المولد الكهربائي المصنوع في روسيا حتى تنار وتدار من خلاله غرف وباحات ذلك المفاعل النووي.

وبحاجة إلى تلك المضادات الحيوية المصنوعة في التشيك لمكافحة خطر التعرض لإشعاع ذري من ذلك المفاعل النووي.

وبحاجة إلى ذلك الهاتف النقال المصنوع في فنلندا ليحادث من خلاله كبار مسؤولي ذلك المفاعل النووي المرتقب.

وبحاجةٍ إلى ذلك القلم المصنوع في إنكلترا لكتابة رسائله المتعلقة بذلك المفاعل النووي.

إن حكومة جمهورية إيران الإسلامية مثلها مثل الكثير من الحكومات الثورية الناشئة سياسياً، تؤمن بأن القوة هي مفتاح كل تطور وتقدم وإنه لا مجال للإبداع إذا فقد الأمان والاستقرار. إنها لا تعلم أن ما يحتاجه المجتمع النامي في البداية ليس مفاعلاً نووياً لإنارة طريق، بل مفاعل تربوي تعليمي شامل ينير العقل نحو كل اكتشاف واختراع وإبداع. فليست الحكمة أن تبني مفاعلات نووية تيسر السبل إلى اكتشافات واختراعات جديدة، بل الحكمة هي أن تبني للمجتمع مفاعلات أخلاقية تهذب السلوك في استخدام تلك الاكتشافات والاختراعات المنتظرة.

 

*أستاذ في كلية الهندسة جامعة الكويت

back to top